الراجي..عداءة تحصد 50 لقبًا وتعدو وراء “تذكرة سفر”

الأولى كتب في 7 يناير، 2018 - 16:00 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

نبارك أمرو ـ قلعة مكونة 

 

الراجي عزيزة، عداءة مغربية أحرزت نحو 50 لقبا في المسافات الطويلة، على المستوى الوطني والدولي، لكنها تعتبر أن عدم الحصول على تذكرة سفر للمشاركة في مسابقة خارجية، “العدو الذي مازالت تحاربه باستمرار”.

 

 

العداءة التي تبلغ من العمر 31 ربيعا، عصامية نجحت في نقش اسمها في أكبر المنافسات الوطنية والعربية لأم الألعاب، تعيش بين أحضان عائلة قروية فقيرة بضواحي مدينة قلعة مكونة (جنوب شرق المغرب)، المعروفة بتنظيم أقدم مهرجان للورود بالبلاد.

 

 

حب العدو يوقف مسيرة الدراسة

 

 

غادرت الراجي المدرسة قبل ثماني سنوات بسبب الفقر وحبا في رياضة العدو. تحدَّتْ ثقافة المجتمع المحافظ، وعزمت على المضي قدما في معانقة هضبات وتلال بلدة )أم عياش) مسقط رأسها بحثا عن هواء نقي يغذي رئتيها، بعيدا عن أعين الرجال الذين لم يغيروا بعد نظرتهم للجنس الآخر، ولم يقبلوا بعدُ ارتداء المرأة زي ألعاب القوى.

 

 

مسار عزيزة تعوزه قلة الإمكانات، إذ صرحت للصحيفة قائلة: “إنها تراجعت مرارا عن المشاركة في ملتقيات كبرى، لأنها لا تملك قيمة تذكرة السفر على متن الحافلة”.

 

 

وكانت بداية العداءة المغربية صاحبة عشرات ألقاب في المسافات الطويلة، من داخل أسوار ثانوية الورود التأهيلية، في إطار الألعاب المدرسية، قبل فوزها في سباق محلي بمدينة بومالن دادس القريبة من مسقط رأسها. حينها حصلت على مكافأة 400 درهم. مبلغ زهيد أسعدها وحفزها على الاستمرار.

 

 

سيطرة على سباقات الماراثون

 

 

الراجي فرضت نفسها في ألعاب القوى، من خلال مشاركات متفرقة بمختلف جهات المملكة في المسافات الطويلة، ورغم كونها لم تنشأ يوما في ناد رياضي، ولم تحظ بأي تدريب تقني. غير أنها استطاعت أن تسافر إلى خارج الوطن بحثا عن تجارب أكبر.

 

 

وتأتى لها ذلك عبر بلوغ حد السيطرة على الصف الأول في مراثون سلطنة عمان الدولي لثماني دورات متتالية. وهو عدد الألقاب نفسها التي نالتها بماراثون التحدي الدولي بزاكورة متفوقة على عشرات العداءات اللائي يشاركن من مختلف دول المعمور.

 

 

ولا تزال تسيطر على سباق طرانس أطلس الدولي (265 كيلومتر على ستة مراحل) بإحرازها الرتبة الأولى خمس مرات، إضافة إلى فوزها بالمراتب الثلاثة، 70 كلم في ماراثون تافراوت الدولي (ضواحي أكادير).

 

 

وضمن مسارات التتويج، حصلت العداءة ذاتها على المرتبة الأولى وطنيا، والخامسة من بين 700 مشاركة في ماراثون الرمال العالمي (225 كلم)، الذي نظم بمدينة زاكورة المغربية، كما حصلت على المركزين الرابع والعاشر في مشاركتين بماراثون مراكش الدولي.

 

 

وفازت العداءة المغربية ذاتها، بالمركز الأول بماراثون الأرز بمدينة إفران، إضافة إلى احتلالها المرتبة الأولى بماراثون الأرز بمدينة إفران، كما تصدرت مارثون توبقال (العالمي 42 كلم) ضواحي مراكش، فضلا عن ظفرها بالمركز الرابع في ماراثون الرباط.

 

 

وتصنف في بطولة المغرب للعدو الريفي في المركز 24. لكن فوزها بعشرات المسابقات في ألعاب القوى وتتويجها إلى جانب العديد من الشخصيات البارزة في مجالات السياسة والرياضة الثقافة؛ لم يفسح لها المجال لتُنصَفَ ولو مرة واحدة، ولم تشفع لها، كما قال متتبعون لمسارها للصحيفة، في أن تحظى بالاهتمام المطلوب من جانب وسائل الإعلام الحكومية.

 

 

أعمال منزلية وتدريبات

 

 

مثل أي فتاة بقريتها، لا تزال عزيزة ملتزمة بجميع أعمال البيت، كفتاة قروية تحكمها عادات وتقاليد المحيط الأمازيغي الذي نشأت فيه. وتقول لموفد “الصحيفة”، بلكنة أمازيغية “دادسية” (نسبة لواحة وادي دادس بالجنوب الشرقي): “أنا كباقي نساء القرية أقوم بجميع الأعمال التي تنسب للمرأة من طبخ وغسل للملابس يدويا، وبحث عن العشب للماشية وتربية الدواجن، وهو برنامج يومي للمرأة القروية”.

 

 

وتردف: “بالمقابل أحرص على التدريب في الجبال المحيطة بالقرية، وهي كذلك مهمة صعبة أقاوم فيها الإحباط بشكل يومي كوني أتدرب وحيدة وبدون أي مدرب”، تضيف الراجي وهي تفرك يديها من شدة “برد يناير” بواحة الورود.

 

 

ورغم تجاهل نجاحاتها من جانب القائمين على الشأن الرياضي؛ تؤكد عزيزة أن الرياضة تبقى هي موردها الوحيد، بالإضافة إلى الدعم النفسي الذي تتلقاه من أسرتها. وتقول: “سر نجاحي هو تفهم إخوتي ووالدي، رحمه الله، لرغبتي وحبي للرياضة، ولولا دعمهم المادي والنفسي لما حققت هذه الألقاب”.

 

 

حرمان من ألقاب جديدة

 

ولا تُخفي الراجي أنها تقترض أحيانا كي تتمكن من السفر للمشاركة في بعض التظاهرات الرياضية الوطنية، وتقول: “مؤخرا تلقيت دعوة من البرازيل للمشاركة في ماراثون دولي، ولم أستطع توفير تذكرة السفر، لهذا السبب حرمت من لقب جديد”.

 

 

بالمقابل، تحكي الراجي بوجه بشوش وابتسامة بريئة، أنها تنفست الصعداء بعد مصادقة مجلس جهة درعة تافيلالت على صرف الدعم المالي للفرق الرياضية، وتطمح للاستفادة من دعم مالي سيرصد للعدائين الذين يمثلون الجهة خارج البلاد.

 

 

” إذ تقدمت في 26 دجنبر الأخير بطلب يضم جميع إنجازاتي لمجلس الجهة، بهدف الحصول على الدعم الممكن للمشاركة في ماراثون بقطر خلال الأسبوع الثاني من يناير 2018، لأنني لن أستطيع المشاركة دون الحصول على تذكرة السفر على الأقل، وهذا هو العدو الذي أحاربه باستمرار”.

 

 

وعادة ما تقدم وزارة الشباب والرياضة مكافآت مالية لأبطال الألعاب الفردية، غير أن أبطال تلك الألعاب يشكون من ضعف تلك المكافآت في ظل التكاليف المرتفعة للتدريب والمشاركة في المسابقات خارج البلاد، بيد أن عزيزة لا تزال تنتظر التفاتة الوزارة الوصية التي قد تأتي أو لا تأتي.

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع