الجندي المجهول في زمن الكورونا… (الجزء 2)

عبّر معنا كتب في 5 أبريل، 2020 - 13:08 تابعوا عبر على Aabbir
كورونا
عبّر

عبّر-طارق و ادريس

 

…يكفي أن نذكر لكم ضخامة الأرقام لتدركوا حجم ما تحملته سواعد كتابة الضبط بمحاكم المملكة خلال سنة 2018 مثلا، فقد وصل عدد القضايا المسجّلة 2.902.443 قضية ، مع إضافة أن عدد القضايا الرائجة بمحاكم المملكة خلال نفس السنة بلغ 3.566.757 . و بلغت القضايا التي بتَّت فيها محاكم المملكة، خلال نفس السنة، ما مجموعه 2.967.047 قضية أما سنة 2019 فقد عرفت تسجيل 3.182.606 قضية ، ووصلت عدد القضايا الرائجة بمحاكم المملكة خلال نفس السنة 3.785.058 ، أما القضايا التي بتَّت فيها محاكم المملكة خلال نفس السنة، فقد بلغت ما مجموعه 3.221.143 قضية . وكلها كما قلنا قضايا تحمـلتها سـواعد كـتابـة الضبـط مـنذ تسجيـل الدعوى واستخراج الاستدعاء الأول للجـلسة والاستدعاءات إلى حين توصل أطراف القضية إلــى ما بعد الحكم ، خـلال مراحـل التبليغ و التنفيذ .

 

ولا تفوتنا الفرصة لنشير إلى أن وزارة العدل تبوأت ولأكثر من مرة المرتبة الأولى كإدارة الكترونية تعتمد على وسائل الإتصال الحديثة واستعمال المعلوميات في خدمة العدالة، حيث سبق لها و لأكثر من مرة أن فازت بجائزة الامتياز للتشجيع في صنف الخدمات الإجرائية الإلكترونية. وكل هذا وأكثر ، جـاء بفضل مختلف مـكونات كتابة الضبط بدون استتناء التي تضم كفاءات متنوعة قل نظيرها في قطاعات أخرى من مهندسين ومحاسبين وتقنيين في مختلف الشعب التقنية ( المكتبيات و الشبكة و تدبير المقاولات …) وحاملي الشواهد العليا في القانون والشريعة والاقتصاد .هذا التنوع الكبير كان له دور فيما وصلت اليه الوزارة في أفق بلوغ رهان محاكم بدون ورق، مع الإشارة أن هذه التخصصات تنصهر لخدمة مرفق العدالة ، دون أن ننسى بأن إدخال الملفات في النظام المعلوماتي وتحيينها بعد كل جلسة و إدخال بطائق السوابق القضائية في النظام المعلوماتي ،هوعبأ كبير، وجد كتابة الضبط مستعدة له .

 

وبالمناسبة فأهميته تظهر بقوة في هذه الفترة لتمكين أطراف الخصومة من معرفة مآل الملفات من أي مكان داخل التراب الوطني، بل ومن أي مكان في بقاع العالم دون الإنتقال إلـى المحكمة. وكالتـزام أخلاقي فإن تحييـن الملفات يتـم فـي نفس اليوم و غالبا يتم تحيين الملفات داخل الجلسة وفي الحين.

 

و كنقطـة أخـرى، كـانـت هـناك مجمـوعة مــن البلاغات الـتي تدعـو إلى إرسال الشكايـات و الوشايات إلى المحاكم عبر الفاكس أو البريد الإلكتروني مع تمكين المتقاضون من إمكانية تتبع هذه الشكايات دون تكبد عناء الإنتقال إلى المحاكم، و هو ما استعدت له كتابة الضبط بموارد بشرية مهمة تمكنت من تلقي هذه الشكايات و تسجيلها في النظام الإلكتروني قبل دراستها وإتخاد الإجراء القانوني بخصوصها، ليتم فيما بعد تبليغه لذي المصلحة الذي يتصل لمعرفة مآل الشكاية ليكون على علم به.

 

و استحضارا من النقابة الديمقراطية للعدل ،وودادية موظفي العدل، للظرفية الراهنة التي تقتضي قدرا عاليا من روح المسؤولية والتضامن ،لأجل خدمة مصلحة الوطن والمواطنين فقد تمت الدعوة الى تعليق كل الأنشطة التنظيمية والإشعاعية وكافة الأشكال الإحتجاجية المقررة إلى إشعار آخر، وكذا إلى التزام موظفي المحاكم بكافة إجراءات السلامة الصحية و شروط النظافة المحددة من طرف الدوائر الحكومية المختصة.

 

و بالنسبة للتساؤل الثاني ، فنستغل الفرصة لنحيطكم علما بمجموعة من الإكراهات التي تواجه كتاب الضبط فــي هــذه الظرفية الحرجة وتجعل تدخلهم يتسم بالخطورة و تتركهم في مواجهة مباشرة مع مرض COVID-19 .

 

و نبدأ من موظفي شعبة الحسابات حيث يعاني أطرها مخاطر كبيرة بمناسبة إحصاء الأموال المستخلصة من المتقاضين ككفالة الحضور، و قيمة الشيكات ،والمبالغ المتحصلة من المشتكى بهم من أجل إهمال الأسرة ،وكذا الرسوم المستخلصة عن مقالات الملفات الإستعجالية ،والرسوم المستخلصة في ملفات التلبس للتنصيب كطرف مدني، مع العلم أن محاكم المملكة لا تتوفر على آلات لعد الأموال مثل التي تتوفر عليها البنوك . إذا، فبمناسبة تسلم هذه الأموال و إيداعها بحساب المحكمة لدى صندوق الإيداع و التدبير يعرض الموظف نفسه لخطـر الإصابـــة مما يطـــرح إحتمال مفارقته لأهله وعائلته لمــدة معينــة أو مفارقتهم الى الأبد.

 

و كخطر ثاني فإن التداول الورقي للوثائق بكتابة الضبط ،وكتابة النيابة العامة خصوصا محاضر التقديم ،ينطوي على مخاطر كثيرة ، خصوصا إذا علمنا أن مصدرها هو الضابطة القضائية ،والأطراف المتدخلة كلها وبدون استثناء، في مواجهة مباشرة مع هذا الفيروس اللعين ومعرضة للإصابـة بــه ، وكلها علـى إرتباط وثيق فــي عملها اليومـي مع المحكمة وبشكل مباشر مع هيئة كتابة الضبط، فمجموع الإجراءات و المساطر التي تحررها هذه الجهات بهدف التثبت من الجنايات والجنح والمخالفات ، ترسلها إلى المحكمة لتجد في استقبالها موظفون مرابطون بمختلف درجات المحاكم، يشرفون على حسن سير العدالة ببلادنا، ينضاف إلى هذا ما يفرضه التعامل مع المحاضر المنجزة بعد صدور المرسوم بقانون رقم 2.20.292 وتاريخ 23 مارس 2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية ،وما يواكب ذلك من إجراءات آنية يتوجب على كتابة الضبط القيام بها وكذا التعاطي مع ملفات المعتقلين وما يرافقها من إجراءات عند الطعن فيها بالإستئناف على اعتبار أن المادة 6 من المرسوم المذكور أعلاه ، استثنت آجال الطعن بالإستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال ، عندما تحدثت عن وقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خــلال فترة حالـة الطوارئ الصحية.

 

وبإعتبار كاتب الضبط عضو في الجلسة التي لا يمكن أن تنعقد أو تتم دون حضوره، و اعتبارا لهذه الظرفية التي منع فيها تنقيل المعتقلين إلى السجون القريبة من محكمة الإستئناف حفاظا على صحتهم ، فإن كاتب الضبط أصبح يعد الملفات ويجهزها قبل عقد الجلسات التنقلية بالمحاكم الإبتدائية التي أصدرت احكامها الإبتدائية في حقهم.
و كخطر ثالت ارتأينا الإشارة بدرجة أولى إلى المحجوزات أو أدوات الإقتناع ، وقد تكون إما نقدية أو عادية كالسكاكين بمختلف أحجامها أو أدوات تصنيع وتقطيرمسكـر ماء الحياة أو قنينات خمر كان المتهم يعاقره قبل ضبطه في حالة تلبس أو هواتف نقالة أو وثائق خاصة بالسيارات والدراجات النارية.. و إذا أضفنا إلى هذا كله، أن الجرائم قد تكون مرتكبة في مناطق تعتبرها الإدارة بؤرة إنتشار الوباء يجعل كل المعطيات مخيفة و تهدد حياة الموظف، بل أكثر من ذلك يجعل تسلم هذه المحجوزات مغامرة غير محسوبة قد تودي بحياته ، دون أن يكون له خيار رفض تسلمها و إلا كان رافضا للقيام بمهامه و هذا التصرف لم يسبق أن نسب لهيئة شريفة ككتابة الضبط .

 

إن دور كتابة الضبط بمناسبة هذه الجائحة لا يقتصر على داخل المغرب ، بل يمتد إلى خارجه ، فلنا عشرات من كتاب الضبط يعملون في مصالح التوثيق بالقنصليات والسفارات المغربية بالخارج ، ويتواجدون بدول استفحل فيها هذا الوباء ، ورغم ذلك فهم يؤدون خدماتهم لأفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج بكل روح وطنية ، ودائمي الحضور إلى مقرات عملهم ، ولنا أن نتصور حجم الأخطار التي تتهددهم بمناسبة تواصلهم مع المرتفقين أو استعمالهم لوسائل النقل العمومية…

 

لكل هذه الأسباب وبصوت العقل و الحكمة نتساءل هل كتابة الضبط مجرد مساعد للقضاء ؟
إسترح يا رفيقنا… فما مات من ترك مبادئ وأفكار تنير درب كل مناضل في صلب هموم الشعب المغربي،غيور على هيئة كتابة الضبط ،يخدم هذه الهيئة الأبية من أي موقع كان … صرخاتك في ردهات المحاكم و في الشوارع إلى جانب الضعفاء والمقهورين… ستتردد دائما في آذاننا و تذكرنا بأن الحقوق لن تضيع وما ضاع حق وراءه طالب، دون أن ننسى أنك كنت ملهمنا في كتابة هذه الأسطر وفاءا للتنظيم و وفاءا للهيئة.

 

 

طارق بوطيب و ادريس أيت ادريس عن المكتب المحلي للنقابة الديمقراطية للعدل بتارودانت.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع