التطرف الديني وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية

عبّر معنا كتب في 26 ديسمبر، 2018 - 16:10 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

مصطفى طه ـ عبّــر 

 

إن بطء الإصلاحات، و عدم الاستجابة لمتطلبات الشعب المغربي، كحقوق مشروعة، من الأسباب الرئيسية المساهمة في ولادة آفة ما يسمى، بالتشدد الديني، هذه الإشكاليات تطرح على الحكومة وضع منظومات و إصلاحات، ترتكز على رؤية استراتيجية واضحة المعالم، من أجل الحد من تزايد نمو هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع المغربي.

 

فالمقاربة الأمنية، لعبت دورا مهما في محاربة و تجفيف الارهاب، لكنها تبقى مقاربة محدودة النتائج، ما لم يوازيها برنامج سياسي تنموي في الاقطاب الاساسية، الاجتماعية و الاقتصادية، و التي ستكون بوابة امل رئيسية للمواطنين، لكي تشكل قاعدة صلبة لبداية العدالة الاجتماعية الحقيقية.

 

فالمناخ الاقتصادي والاجتماعي في المغرب، يعرف أزمة حقيقية أثرت على القدرة الشرائية للرأي العام، بفعل رهن الاقتصادي الوطني بالدين الخارجي، تزايد نسبة البطالة، بسبب تراجع الحكومة عن دورها الفعال في ميدان التشغيل، بالاضافة الى تراجع الخدمات في المجال الصحي والتعليمي والسكن اللائق.

 

فالتسيير والتدبير المنظم، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، الذي يرقى لتطلعات السكان، يجب تدعيم دولة الحق والقانون وجعل التنمية المستدامة من الأولويات، بما تعنيه من محاربة الفقر والتهميش و الإقصاء والبطالة وتبذير المال العام والرشوة والمحسوبية والزبونية والحد من تهريب الأموال خارج المغرب وتبييضها داخله، فهذه الرهانات يجب أن تكون في عمق برامج الأحزاب السياسية، التي لا تزال ترهن قضايا المجتمع المصيرية، بالاستحقاقات الانتخابية التشريعية والمحلية، دون أن يكون لها دور فعال في الاجابة على قضايا التوزيع العادل للثروات.

 

الواقع يفرض نفسه السلبي، بحكم أن هذه الأحزاب والنقابات ما تزال تتشبت بممارسات قديمة، أكل عليها الدهر وشرب وأصبحت غير قادرة على مسايرة الإصلاحات والتغييرات الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي أثر بشكل سلبي، على الفكر العقلاني المنطقي، الذي يؤمن بقيم التعايش و التسامح و الحرية و الاختلاف و الحوار و احترام الراي الاخر.

 

هذا الخطاب المتشدد، تتحمل وزره و مسؤوليته الحكومة المغربية، التي لم تستطع تطوير و هيكلة مؤسساتها، و كذلك النخب السياسية و الاقتصادية، التي لا زالت تتعامل مع القضايا الاجتماعية الضرورية، بنوع من الانتهازية و اللامبالاة.

 

إن بلدنا الحبيب، يعيش مرحلة دقيقة تستدعي ضرورة مواصلة إصلاح الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والسياسية والثقافية والتربوية، من أجل تجديدها وإزالة شبكتها السلطوية، لتحل محلها سلطات جديدة قادرة على خلق مشاريع تنموية شاملة وحيوية في كل الميادين.

 

فمحاربة الهشاشة والفقر والبطالة و الأمية، يجب أن تتصاحب بسياسات وبمقترحات جريئة ومبرمجة وواقعية، تفعل على أرض الواقع، وفي هذا الجانب، لابد من خلق ثقافة التغيير والإصلاح أكثر وضوحا ودينامية، للتصدي لمختلف الصعاب والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية، لتقليص الفوارق المجتمعية وتشجيع الطاقات الشابة، من أجل المساهمة في عملية التطور و التقدم، لتحقيق رهان التنمية الشاملة و المستدامة، و نشر العدالة الاجتماعية بين جميع المغاربة بدون استثناء.

 

للتاريخ، فالمغرب يشهد تحولات بنيوية بطيئة، على مستوى جميع المجالات، رغم ذلك ستلعب مستقبلا دورا مهما في وضع قطار التنمية على سكته الصحيحة، حقيقة، فالمجتمع المغربي لا يستطيع ان يستمر في التعامل مع قضايه والعصر الذي يعيش فيه، بكل مكوناته بعقلية دينية تقليدية، التي لا تتماشى مع التطورات و التغيرات الراهنة، فهو بحاجة الى تاهيل شانه الديني أكثر، بل يحتاج إلى فكر نقدي واقعي يشمل كل المكونات، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والتربوية، وبالذات نقد الفكر الديني المتشدد في جانبه المتخلف، الهدف منه إنتاج ثقافة دينية متجددة تتسم بقيم و مبادئ التسامح و التعاون و التعايش و احترام الآخر، هذه الرحابة والاعتدالية و الوسطية، التي يطلقها ديننا الاسلامي الحنيف، للعقل و التفكير و الخلق و الابداع و حب الوطن.

 

فالإصلاح، سيبقى مطروحا وبقوة، ما لم يواكبه تغيير شامل في طرق الإنتاج الثقافي و التعليمي، هذا من جهة، ومن جهة اخرى، يجب على المسؤولين الحكوميين، الإسراع من وتيرة الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بنمط ينمي من إمكانية الاستجابة للمطالب المجتمعية المشروعة، التي يضمنها الدستور، في سياق العقلانية والحرية والاختلاف والتفكير البناء، إذ لا حياة كريمة، بدون تحسين شروط و ظروف عيش المواطن المغربي.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع