الأستاذة ايطو المغاري تكتب.. “الأستاذ والمغنية” 

عبّر معنا كتب في 14 فبراير، 2020 - 22:24 تابعوا عبر على Aabbir
الاستاذ والمغنية
عبّر

ذ(ة). ايطو المغاري

 

 

الأستاذ والمغنية: إن مجتمعنا اليوم يحتاج إلى أن يسمو بنساء ورجال التعليم ، إلى مصاف الوزراء وعلية القوم مالا وحظوة ، وإلى مصاف الأبطال والشرفاء تقديرا واحتراما ، وإلى مصاف الساسة سلطة ، لكي يستمروا في تربية المجتمع . لكن مجتمنا “المتحضر” منشغل اليوم بما يتقاذفه من أهواء التكنولوجيا ، كوسيلة من وسائل التنويم المغناطيسي للناس ، حتى ينقادوا لأسيادهم من البوجوازيين أصحاب رؤوس الأموال، والمتحكمين في تدبير شؤون المجتمع . الهدف من محاكمة الأستاذ هو الإجهاز على منظومة الأخلاق ، والمبادئ لدى السواد الأعظم من الناس . كيف لا وقوانين المجتمع  “المتحضر” تعجز عن محاكمة الشيخات والمغنيات ، اللائي ينعمن بطيب العيش خارج أسوار المعتقل ، في حالة  سراح لأنهن دفعن بدل المليون عشرات الملايين ، ويعلننون إستعدادهم لدفع مئات الملايين ، المهم ألا تمس شعرة من ذواتهم المزيفة المحشوة بالسيلكون والإسفنج المبطن ، الذي يلغي حقيقة الإنسان فيهن ، خاصة وأن عقولهن ذابت مع عمليات الشفط والنفخ ، وهن يركضن خلف الجمال الدائم .

 

الأستاذ والمغنية : عندما يحاكم الأستاذ ، يحاكم العلم والشرف والكرامة ، والمعارف والمستوى العلمي والثقافي ، والشواهد العليا والرقي بالإنسان . بينما تنعم السفالة والسفاهة والتفاهة ، والضحالة والعري والعفن بالحرية . أي زمن من أزمنة تردي الإنسانية طلع علينا مع بداية السنة الجديدة ، يناير 2020 ؟؟؟ . تهوي الإنساية في مهاوي الرذيلة ، لكي تستطيع الرأسمالية المتعفنة أن تكسب الأرباح ، التي تكفيها لحل الأزمة الخانقة التي تعصف بها منذ 2008 . أصبح الإنسان سلعة تعرض في المزاد العلني ، إذا حصل على الملايين فإنه يرفع إلى النجومية ، حتى لو كان تاريخه يزخر بالجرائم والضرب تحت الحزام ، لايهم . أما أصحاب الأفكار والمعارف ، القابضون على الأخلاق والمبادئ كما لو أنهم يقبضون على الجمر الحامي ، يكوي راحة اليد وراحة البال ، يزج بهم في السجن ، وتمرغ كرامتهم في الوحل .

 

الأستاذ والمغنية : إذا ابتلع المغاربة الطعم وتمت معاقبة الأستاذ ، وإخلاء سبيل المغنية ، فإن المجتمع المغربي سيخسر سنوات من التقدم والبناء ، إذ سيتحكم التسيب بالمراهقين والشباب ، ويعلنوا عصيانهم لسلطان التربية ، وقد يجيب مراهق والده أو أستاذه : ” بعد مني ولا نسيفطك للحبس فين تربى ” . سيختل توازن المجتمع وتعم السيبة والفوضى ، وتفقد الأخلاق والمبادئ وزنها . يعدو العري والرقص الفضائحي و ” الهز ياوز ” والغناء الساقط والعفن الفني ، هو الصواب والصحيح . ستستسهل بناتنا ونساؤنا وشبابنا حياة الترف وعمل الليل والظلام كما الخفافيش .

 

الأستاذ والمغنية : سيفقد كل شيئ قيمته : الوقت ، الزمن ، القانون ، العلم ، المعارف والنظام . الطفلة مريم قبل أن تشهد ضد أستاذها ليست هي نفسها بعد ذلك . طفلة وجدت نفسها فجأة في ردهات المحاكم ، أمام القضاة والمحامين والقوانين والتصريحات والتصريحات المضادة ، وعدسات الكاميرات ، ستصاب بأزمة تخلخل توازنها . وإذا كانت الجراح الجسدية تتطلب بعض الوقت لتبرأ ، فإن الجراح النفسية نتيجة العنف الإعلامي الذي مورس على الطفلة لن يبرأ ، وربما يجعل منها إنسانة مهزوزة المشاعر مرتبكة الشخصية .

 

الأستاذ والمغنية  : عار علينا أن نهين التربية والتكوين والتعليم ، والشرف والنور في شخص الأستاذ . عيب علينا أن نقدر التفاهة والسخافة والعفن في شخص المغنية . سندفع الثمن غاليا في أجيال المستقبل . سننشئ جيلا يعتبر الإنحراف والإجرام والبهتان والزور، رقيا ورخاء وتحضرا ، يدوس على أصوله وربما يتخلى عن الآباء والأمهات والأجداد، على قارعة الطريق ، إن لم يكن في دور العجزة ، إننا نؤسس ليتمنا لعجزنا ، ولموت الإنسان فينا وفي ناشئتنا ، في بلدنا الحبيب ، الذي أصبحت تتحكم فيه شرذمة من أشباه الفنانين والصحافيين ، والكتاب والشعراء ، إحتكروا المشهد الثقافي المغربي ، واعتبروا أنفسهم المغاربة الحقيقيين ، والأحق بالعيش على أرض الوطن ، يتكلمون باسمه ينتسبون إليه ، لكنهم في الحقيقة تمشرقوا وتخلجنوا و ” تخورجوا ” ، ولا يحملون من المغرب إلا الإسم ، لأن تصرفاتهم لا تدل على “تمغربيت” ، ولا على الإنتماء الحق للمغاربة الأمازيغ الأحرار ، الذين ذادوا عن أرض المغرب وشواطئه ، منذ فجر التاريخ ، ضد كل الغزاة : الوندال والفينيقيون والرومان وغيرهم . لكن هؤلاء المتحذلقين باعوا بنات وأبناء المغرب للشواذ ولدور الدعارة والعفن .

 

الأستاذ والمغنية : أدوات الأستاذ : القلم والورقة والمداد ، والطبشورة والسبورة السوداء، يرسم كلمات بيضاء طاهرة ، حمائم سلام تحيل الجهل علما ، تشعل النور شموعا ومصابيح في عقول وأذهان أطفال ، يرزحون تحت نير الفقر والجهل والمرض ، هم نساء ورجال الغد . والأستاذ يؤدي الرسالة تعبا شقاء مرضا جوعا بردا ، إشتياقا واحتراقا وحرقا للدماء ، هدفه السمو والرفعة ببني وطنه . وسائل المغنية : أدوات التجميل : أحمر للشفاه أزرق للعيون ، الخدود المنفوخة والقوام الممشوق ، وملابس مستوردة تشبه الملابس ، تعري الجسد المنحوت . تتمايل صاحبته تغني أوتموء ، ترقص تُرقص تراقص تقتل الإحساس والكرامة ، تحيي ليال حمراء لاتنتهي ، إلا مع إشراقة الشمس . تبيع  الأوهام والأحلام للمتتبعين من الشباب والشابات ، تشغلهم عن أوضاعهم وأعمالهم ، تجعلهم أجسادا إستهلاكية ، تتبع طريق الملذات والشهوات ، تستهلك وتهلك خدمة للشركات والمصانع ودور الموضة والتجميل .

 

الأستاذ والمغنية : أورد عالم المستقبليات المغربي “المهدي المنجرة” قولة أحد المستشرقين : إذا أردت أن تهدم حضارة أمة ، فعليك بثلاث وسائل هي : هدم الأسرة ، هدم التعليم ، وهدم القدوات والمرجعيات . ولكي تهدم الأسرة عليك بتغييب دور الأم ، ولكي تهدم التعليم ، عليك بالمعلم لاتجعل له أهمية في المجتمع ، وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه . ولكي تسقط القدوات عليك بالعلماء ، إطعن فيهم ، شكك فيهم ، قلل من شأنهم ، حتى لايسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد . فإذا اختفت الأم الواعية ، واختفى المعلم المخلص ، وسقطت القدوة المرجعية ، فمن يربي النشء على القيم ؟؟؟

 

الأستاذ والمغنية : دمعت عيناي ، عن مكانة الأستاذ في زماننا ، ومكانته في هذا الزمان  ، لم أشعر إلا وقريحة صوتي ترتفع ودونما تحكم في أعصابي ، والدموع تبرق في عيني : إذا ما التقيت أستاذي أمسح حذاءه ، أقبل الأرض تحت قدميه ، أرفع له القبعة ، أضرب تعظيم سلام ، وأنحني إنحناءة الأمة للسيد ، ممتنة له على كل ما قام به ، من تضحيات في سبيل تعليمي وتربيتي ، على حب العلم والتعلم والقراءة ، والتثقيف والمطالعة ، معتذرة على كل معاناته ، من أجل أن يؤدي رسالته على أكمل وجه ، رغم ما كان يعوق مساره المهني والإجتماعي ، من معوقات تحول دون تحقيقه لأحلامه ، الشخصية والعائلية والمجتمعية . لست كاذبة ولا مجاملة ولا مدعية  ، بل هي الحقيقة ، إحترامي واحترام أبناء جيلي وآبائنا وأمهاتنا للأستاذ لم يكن له حدود ، إعتبره الجميع دوما رسولا للعلم والتربية والتثقيف والرقي . وإن أردت أن أحكي عن مواقف أساتذتي ، فلن تكفيني الكلمات ، ولا حروف العالم ، ولن يكفيني المداد وإن كان من مياه البحار والمحيطات .

 

تصبحون على وطن من كرامة وحب واعتراف لمحترفي مهنة الحب والسلام ، المدرسات والمدرسين . أهنئكم بالسلامة من آفة إهانة أصحاب رسالة العلم والتبليغ . شعارنا : نعم للحب والسلام ، لا للفتنة والفوضى والتسيب .

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع