الأداء السياسي للأحزاب المغربية لسنة 2018.

عبّر معنا كتب في 15 ديسمبر، 2018 - 14:24 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

محمد العلاوي *

أختتمت السنة السياسية 2018.2017 على الأحزاب السياسية المغربية، تحت تأثير حدثين كبيرين، الحدث الأول الذي أطلقه ملك المغرب في الحقل السياسي تحت مسمى الزلزال السياسي المسلط على النخبة السياسية التي تحت تحمل مسؤولية تدبير الشأن العمومي، والحدث الثاني الذي احتل مكانة متميزة في الحقل السياسي والحزبي إبان تشكيل حكومة عبد إله بنكيران فيما بات يعرف بالبلوكاج الحكومي، فالحدثتين سيطرا بكل دلالتهما السياسية على أطوار السنة السياسية برمتها،فقد ترجما ما عاشه المغرب خلال 2018 على غير عادة المغرب والعهد الجديد.
وسيرا على ما سطره السوسولوجي المغربي عبد الرحيم العطري، في كتاباته على حرص المغاربة الشديد لتحقيب الزمن بأحداث ووقائع الاجتماعية التي تبصم مدار السنة ، فتماشيا مع هذا الطرح، فإن التحقيب الذي بقى راسخا في الذاكرة السياسية المغربية على مدار سنة 2018، لا تخرج عن توصيف سنة 2018 ب “سنة البلوكاج الحكومي” أو “سنة الزلزال السياسي” .
لهذا ، فإن التوقف عند سمات سنة 2018.2017 السياسية، لا ينبغي إغفال توصيف سنة البلوكاج الحكومي وسنة الزلزال السياسي بخصوص الحديث عن أداء الاحزاب السياسية فيالمشهد السياسي والحزبي، وبالتالي فالحديث عن سنة2018 المليئة بأحداث متراكمة بداية من البلوكاج الحكومي وإعفاء عبد الاله بنكيران من الحكومة، مرورا بالحركات الاحتجاجية الحسيمة وجرادة وزاكورة التي كان المغرب قاب قوسين أو أدني من 20 فبراير ثانية ، وصولا إلى تشكيل حكومة سعد الدين العثماني والزلزال السياسي وإعادة العمل بالتجنيد الاجباري في السنةالتاسعة عشرة لإعتلاء محمد السادس حكم المغرب.
وإذا كان جل الباحثين والدارسين للمشهد السياسي والحزبي أجمعوا على أن الأحزاب المغربية تعيش حالة من الاحتضار الطويل ، على اعتبار أن ستة وثلاثون حزبا لا نشاهد منها إلا ستة أحزاب ما بين احتضار والوليدة، وأخرى لا ترى إلا إبان الحمالات الانتخابية، فإن رصد أداء الاحزاب السياسية سينصب من جهة ،على رصد على الاداء السياسي والحزبي للأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية البرلمانية ، ومن جهة ثانية رصد الاداء السياسي عند أحزاب المعارضة.

إن ضربة البداية في الحياة السياسية دائما يكون الملك ورائها، وبالتالي ينبغي بادئي ذي بدء، الرجوع بدرجة أولى للخطابات الملكية خلال سنة 2018 لقراءة المشهد السياسي والحزبي، حيث أبدى الملك،عدم رضاه وثقته على الطبقة السياسية الحالية من وزراء وبرلمانيين ومستشارين ومن نخب حزبية، ولا دير أن ندرج في هذا المقام ما عرفته إحدى جلسات افتتاح البرلمان بقراءة القران الكريم بأية “إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ” للدلالة على جمود النخبة السياسية بكل أطيافها وطياتها،وجاء تعبير استياء الملك من تعثر عدد من المخططات والمشاريع التنموية واضحا ملقيا اللوم على الطبقة السياسية.
محصلة ما في الامر،يخلص الملك إلى أنه محاط بطبقة سياسية مهترئة، ولا بد من إعادة انتاج واستقطاب نخب جديدة قادة على تحمل المسؤولية،إن الملك يقصد أنه “في الحاجة إلى جيل جديد من الإصلاحات” ،فخطاب الملك خلال افتتاح الدورة البرلمانية للسنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرةكان مشابها لخطاب الازمة القلبية للراحل الحسن الثاني ،حيث اعتبر الملك أن هناك ضرورة ملحة للوقوف وقفة نقدية لتصحيح المسار وبداية مرحلة جديدة قوامها ربط المسؤولية بالمحاسبة وتأكيده على أن النموذج التنموي قد بلغ مداه،ودعوته لإعادة بلورة نموذج تنموي جديد، فضلا عن تفعيل الجهوية المتقدمة على أرض الواقع.
إن المتمعن في خطابات الملك، يجده ليس فقط يقدم التوبيخ للأحزاب السياسية ، وإنما قرر اللجوء إلى إحداث الزلزال السياسي في طريقة عمله مع كل مسؤول تبث تورط في تعثر أو اختلالأو إهمال في إنجاز مشاريع تنموية التي يسيرها قطاعه، فالغني عن البيان في المعجم السياسي المغربي عندما يكل الملك تذمره وقلقه من واقع الاداء السياسي للطبقة السياسية بالمغرب، وليس أدل على ذلك الزلزال السياسي الذي اعفى بموجب الملك الوزراء بشأن تعثر إنجاز مشروع منارة المتوسط.
في نهاية المطاف، إن الملك خلال اطوار السنة السياسية، كان هو المسيطر على الحياة السياسية والحزبية بتوجهاته وقراراته على السلطة التنفيذية، بعدما كانت سنوات ما بين 2011 و 2016 منشطرة بين رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وبرنامجه الحكومي والملكية.

1. حزب العدالة والتنمية بين البلوكاج الحكومي والولاية الثالثة لبنكيران.
يمكن اختزال المعالم الكبرى لأداء حزب العدالة والتنمية لسنة 2018 في ثلاثة أحداث بارزة بإمتياز:
 انتقال مشعل رئاسة الحكومة إلى سعد الدين العثماني.
 تبخر الولاية الثالثة وحديث عن نهاية المسار السياسي.
 الصراع التجمعي البيجدي في أفق 2021.
كان أول الأحداث هو تعيين محمد السادس سعد الدين العثماني يوم الجمعة 17 مارس 2018 رئيسا للحكومة،باعتباره الرجل الثاني في الحزب بشغله منصب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، مستعملا بذلك صلاحيات الفصل 42 و 47 من الدستور، التي أسالت مداد كثيرا، على مستوى دستورية القرار من عدمه،عقب إعفاء عبد الاله بنكيران من رئاسة الحكومة، على إثر عجز الامين العام لحزب العدالة والتنمية على تشكل الحكومةبسبب البلوكاج الحكومي.
وقد أثار الاعفاء عدد من ردود في وسط الساحة السياسة المغربية بين مرحب وبين رافض، وبين من ذهب إلى احتمال وجود “مؤامرة 8 أكتوبر” لإفشال بنكيران من تشكل الحكومة من خلال ربط حزب التجمع الوطني للأحرار دخوله للحكومة بدخول الاتحاد الاشتراكي،بعدما تخلى بنكيران عن حزب الاستقلال تحت تأثر الازمة التي دخل فيها شباط مع الدولة بسبب موريتانيا، مما أدى إلى انسداد الوضع لمدة ست أشهر من غياب بوادر تشكل حكومة أغلبية،واقتصار الامر على حكومة تصريف الاعمال وسط تنامى الاحتجاجات في الريف،إلى حد خروج بلاغات من أحزاب السياسية ما يسمى بالبلوكاج بسؤال عن الدخول للحكومة ليخرج عبد الاله بنكيران بالبلاغ الشهير انتهى الكلام و لا حكومة بوجود الاتحاد الاشتراكي.
واستقبل الحزب خبر اعفاء بنكيران بتفهم كبير حيث قال بنكيران بأنه سيتم التعامل بطريقة ايجابية مع المقترح الملكي إلا أنه لن يتنازل عن بعض شروط الحزب التي من ضمنها ضمان عدم دخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة،بيد أن الحزب برئاسة بنكيران تنازل على دخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة بقيادة سعد الدين العثماني الذي سيشكل الحكومة في 7 أيام فقط.
 تبخر الولاية الثالثة وحديث عن نهاية المسار السياسي.
أما بخصوص الحدث الثاني، فهو المتعلق بالولاية الثالثة لبنكيران على رأس الامانة العامة للحزب، والذي عرف صراعا داخليا بين تيار الاستوزار وتيار بنكيران، حيث نادى التيار الاول بعدمتمكين بنكيران من ولاية ثالثة على رأس الحزب متخذين أساس البند 16 الذي يحرم الامين العام ورئيس المجلس الوطني وكاتب الجهوي والكاتب المحلي من أكثر من ولايتين في نفس المنصب . وكان من بين المعارضين لهذه الفكرة خاصة الوزراء الذين اعتبروامنقلبون على الامين العام من ضمنه وزير الدولة لحقوق الانسان،الذي اعتبر أنه في حالة ترأس بنكيران لولاية ثالثة فإننا سنكون إزاء حزب جديدغير حزب العدالة والتنمية، بل ذهب حد التلويح بالاستقالة والخروج من الحزب، في مواجهة حامى الدين الذي عرف بتوجهه لتمديد لبنكيران لولاية ثالثة خاصة مع ما مر من وقائع سياسية كان هدفها إبعاد بنكيران عن المشهد السياسي.
وقد تلقى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ، عبد الإله بنكيران، ضربة موجعة، بعد رفض الحزب، تعديلا يسمح له بالتمديد لولاية ثالثة، بعد أن صوت المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذي عقد اجتماعا استثنائيا في سلا ، بغالبية 126 صوتا من أصل 231 ضد تعديل كان من شأنه أن يسمح لبنكيران بالترشح لولاية ثالثة كأمين عام للحزب، ليسدل الحزب الستار عن بنكيران في ظل تصاعد الحديث عن نهاية المشوار السياسي واعتزال السياسة لبنكيران والعودة إلى صفوف حركة التوحيد والاصلاح.
2. حزب الحركة الشعبية لا جديد يذكر غير الرئاسة لمحند العنصر.
 رئاسة الحزب ل3 عقود ونيف.
تميز الاداء السياسي لحزب الحركة الشعبية لسنة 2018، كعادة الحزب بإعادة انتخاب محند العنصر أمينا عاما للحركة الشعبية، وذلك خلال أشغال المؤتمر الوطني الثالث عشر للحزب المنعقد على مدى يومين بقصر الرياضات بالمجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط تحت شعار ” حركة من أجل الوطن “.ليضفر العنصر بالولاية التاسعة على رأس حزب الحركة الشعبيةمنذ أكتوبر 1986 حين عين أميناً عاما للحركة الشعبيةخلال انعقاد المؤتمر الاستثنائي،وقد أعلن رئيس اللجنة التحضيرية، رئيس المؤتمر السيد السعيد أمسكان عن حصول السيد العنصر، على 1554 صوتا من أصل 1843 صوتا صحيحا ، فيما حصل منافسه السيد مصطفى سلالو على 289 صوتا، علما بأن عدد البطائق الملغاة بلغ125 بطاقة.
بهذا، يتأكد من جديد الكتابات القائلة أن حزب الحركة الشعبية مقترن بأشخاص بالدرجة الاولى، ولا علاقة له بالنهج المؤسساتي والتناوب على الاشراف الحزبي،رغم أن لعنصر صرح قبل أشهر بأن حالته الصحية وتقدمه في السن لا تسمح له بالاستمرار على رأس الحزب، فضلا عن تزعمه الحزب لمدة حوالي 30 سنة، إلا أن شخصيات وازنة في الحزب من ضمنهم أن حليمة العسالي المرأة القوية في الحزب، وصهرها محمد أوزين، والبرلمانيان حميد كوسكوس عضو مكتب مجلس المستشارين، والمهدي عثمون رئيس لجنة الداخلية بنفس المجلس يخشون من انتخاب حصاد الملتحق حديثا بالحزب والمعفى بقرار ملكي، ولهذا برر قراره بالعدول على عدم الترشيح باستجابة للمطالب الحركيين.
3. حزب التقدم والاشتراكية الزلزال مستمر.
عرف المشهد الحزبي للتقدم والاشتراكية هزات زلزالية ملكية، ويمكن تلخص الحضور الحزبي للتقدم والاشتراكية في ثلاثة أحداث بارز:
 الزلزال السياسي يضرب الحزب.
 انتخاب بنعبد الله امينا عاما خلفا لنفسه.
 حذف كتابة الماء من حكومة سعد الدين العثماني.
بعد قرار اعفاء امينه العام بنعبد الله من مهامه كوزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بإضافة إلى القيادي حسين الوردي كوزير للصحة وكذا محمد أمين الصبحي كوزير للثقافة في حكومة بنكيران، بهذا يكون الحزب قد تلقى ضربات قوية على مستوى نخبه وقيادته الحزبية بسقوط رؤوس وازنة من النواة الصلبة في الحزب.
فقد خرج الحزب في أول رد رسمي له الذي وصف ببيان الجريء أكد عبره على أن الأمين العام والقياديين عن الحزب اللذين تحملا المسؤولية الوزارية، سواء في الحكومة السابقة أوفي الحكومة الحالية، قد أدوا مهامهم العمومية بحرص شديد على الامتثال لما تستلزمه المصالح العليا للوطن والشعب، اعتزازه بالأداء المشرف لوزراء الحزب المعنيين.
وقد اعتبر عدد من الملاحظين أن بلاغ الحزب يمهد للانسحاب من حكومة العثماني والاصطفاف في المعارضة من أجل ترميم صفوفه الداخلية في ظل تصاعد الانقسام داخل التقدم والاشتراكية بأنه حان الوقت لدفع بنعبد الله الحساب جراء علاقته الشخصية مع بنكيران وعلاقة حزبه مع حزب العدالة والتنمية وإزاء دخوله في تحالف انتخابي، حزبي، سياسي وحكومي مع العدالة والتنميةطيلة سبع سنوات،والعلاقة الشخصية التيربطها بنعبد الله مع بنكيران، والتي وصف التقدم والاشتراكية معها “بالناطق باسم حزب العدالة والتنمية”
إلا أن في مطالعة القنوات الاعلامية تبين للحزب عبر رسالتين من الملك وجهتا إلى التقدم والاشتراكية لتخفيف من أثار الزلزال السياسي نقلها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الرسالة الاولى تمحورت حول كشف رغبة الملك في أن يستمر الحزب التقدم والاشتراكية في الحكومة، على أن يتم تعويض الوزراء المعفيين بوزراء جدد في نفس المناصب، أما الرسالة الثانية التي فحوها جاءت عبر هاتف فؤاد علي الهمة لخالد الناصيري بأن إعفاء وزراء الكتاب لا يستهدف الحزب، وإنما الإعفاء مس الاشخاص في مناصب تبث فيها التقصير على ضوء تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول منارة المتوسط.
في نهاية المطاف، سيتم تعويض نبيل بنعبد الله بعبد الأحد الفاسي الفهري عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وتعينه كوزير لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، و أنس الدكالي عضوحزب التقدم والاشتراكية و مدير الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات “أنابيك” وتعينهكوزير للصحة خلفا للحسين الوردي.
 انتخاب بنعبد الله امينا عاما خلفا لنفسه.
أعيد انتخاب محمد نبيل بن عبد الله أمينا عاما لحزب التقدم والاشتراكية للمرة الثالثة على التوالي، وذلك بعد حصوله على 80 في المائة من الأصوات،وحصل بن عبد الله على 371 صوت مقابل 92 صوت لعضو الديوان السياسي المنتهية ولايته سعيد الفكاك الذي قال “كفى” لبنعبد الله وأنه ولا بد من التداول على المسؤولية وتعزيز موقع الحزب داخل المشهد السياسي بعد الهزات التي مر من الحزب. في المؤتمر العاشر لحزب التقدم والاشتراكية المنظم في بوزنيقة تحت شعار “نفس ديمقراطي جديد”
واستفاد نبيل بن عبد الله من دعم مجلس الرئاسة، والديوان السياسي بعد أن صادق المؤتمر الوطني العاشر لحزب التقدم والاشتراكية على التقريرين المالي والأدبي، كما صادق على أعضاء اللجنة المركزية، ومجلس الرئاسة، ولجنة المراقبة المالية والتحكيم. وشارك في المؤتمر حوالي 1200 مؤتمرا يمثلون 80 إقليما، حيث صادقوا على أطروحة جديدة للحزب، كما صادقوا على تعديل نظامه الأساسي.
فمعظم المراقبين أكدواعلى حدة التنافس بين المرشحين للأمانة العامة، فقد جسد المؤتمر الوطني العاشر الذي اختار شعار “نفس ديمقراطي جديد” نموذج الحزب التقدمي الديمقراطي والحداثي، وترجم رغبة المناضلات والمناضلين في ضرورة التمسك بوحدة الحزب ونجاح محطته العاشرة، ضمن مسار سياسي وتنظيمي حافل يمتد لأزيد من سبعين سنة، وهو ما عبر عنه محمد نبيل بنعبد الله، فور إعلانه أمينا عاما للحزب لولاية جديدة، حيث شدد في كلمة له بالمناسبة، على أن الحزب نجح في الحفاظ على وحدته وعلى تماسكه.
وفي تصريح أخر للأمين العام لحزب الكتاب،بعد اعادة انتخابه شكرنبيل بنعبد الله منافسه سعيد الفكاك على سعة صدره وإتاحة الفرصة لمنافسة ديمقراطيةوقال بن عبد الله، أن حزب الكتاب أعطى درسا ديمقراطيا للجميع، وشدد بنعبد اللهعلى أن الاقتراع تم في أجواء ديمقراطية وأن جميه المؤتمرين صادقوا على الورقة السياسية، وعلى جميع الأوراق في جو ديمقراطي.
 حذف كتابة الماء من حكومة سعد الدين العثماني.
لم تدوم حالة ترتيب الاوراق الداخلية للأمين العام حتى وجد نفسه أمام هزة زلزالية جديدة، بالقرار الملكي القاضي بحذف كتابة الدولة المكلفة بالماء لدى وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء من هيكلة الحكومة، وهي المهمة التي تشغلها شرفات أفيلال، القيادية في الحزب بناءا على اقتراح السيد رئيس الحكومة بحذف كتابة الدولة المكلفة بالماء لدى وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، ونقل وإدماج جميع صلاحياتها، ضمن هياكل واختصاصات هذه الوزارة مع العمل على مراجعة هيكلتها التنظيمية.
الامر الذي عرف الامين العام عبر بلاغ القصر الملكي كعموم المواطنين والسياسيين،بإضافة إلى كون سعد الدين العثماني لم يرجع إلى حزب التقدم والاشتراكية لاستشارته في قرار الحذف، خاصة وأن حزب الكتاب شريكا في الاغلبية البرلمانية وكذا من ضمن الموقعين باسم الحزب على ميثاق الاغلبية الذي على يقوم على التشاركية في العمل وتنسيق المواقف فضلا عن التضامن في المسؤولية وكذا النجاعة في الانجاز بإضافة إلى الحوار مع الشركاء، وهذا الشق الاخير المتعلق بالحوار مع الشركاء لم يتأتى في قرار حذف كتابة الدولة بالمكلفة بالماء.
وفي إطار تطرقها إلى الموضوع ذاته، ذكرت عدة مواقع إعلامية أن العثماني قال لنبيل بنعبد الله إن حذف كتابة الدولة في الماء تجاوزه، وأكد فيما بعد في إطار لقاءات لمعالجة وضع شرفات أفيلال لعبد الأحد الفاسي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن الأمور تجاوزته لكون أفيلال اتصلت بمستشار الملك فؤاد عالي الهمة لحل مشاكلها مع الوزير اعمارة، وبالتالي لم يعد الأمر بيده، غير هذا التبرير لم يقنع رفاق نبيل بنعبد خاصة أن بلاغ الديوان الملكي كان واضحا في الإشارة إلى أن الاقتراح جاء من رئيس الحكومة، وليس عبر الملك.
ومن ردود فعل حزب التقدم والاشتراكية حول الموضوع،عقد المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية اجتماعه يوم الثلاثاء 28 غشت 2018، وخصصه أساسا لتدارس موضوع حذف كتابة الدولة في الماء من الهيكلة الحكومية وإدماجها في وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، وذلك بقرار سام لجلالة الملك وباقتراح من رئيس الحكومة كما ورد ذلك في بلاغ رسمي.
 يؤكد المكتب السياسي أن حزب التقدم والاشتراكية يتعامل دوما بكامل التقدير والاحترام مع القرارات الملكية السامية ويمتثل لها.
 إشادة والتنويه بالأداء المتميز شرفات أفيلال، لما أبانت عنه طيلة تحملها لمسؤولية تدبير قطاع الماء، سواء ضمن الحكومة السابقة كوزيرة منتدبة أو خلال الفترة التي قضتها في الحكومة الحالية ككاتبة دولة.
 إخلال رئيس الحكومة بما سمها بالضوابط السياسية والأخلاقية اللازمة في مجال تدبير التحالفات والعلاقات داخل أي أغلبية حكومية ناضجة.
 قرر المكتب السياسي مواصلة تتبع الموضوع وذلك في أفق دعوة اللجنة المركزية للحزب للانعقاد في دورة خاصة.
في خضم غضب الرفاق التقدمين على رئيس الحكومة على قرار الحذف، قرر الحزب عبر أمينا العام بنعبد الله ، أنه “من الأنسب للتقدم والاشتراكية مواصلةُ النضال من الموقع الحكومي” مبنيا قراره على دعوة المجلس الوطني للعدالة والتنمية لبقاء التقدم والاشتراكية في الحكومة، مع أشبه بتهديد سياسي من بنعبد الله للخروج في الحكومة في أي لحظة، بقوله إن مسألة مواصلةِ حضورِ الحزب في الحكومة ليست أمرا مقدسا، بل إنها موضوعٌ يمكن الرجوع إليه والتداول فيه ومراجعته في أية لحظة من طرف اللجنةِ المركزية، صاحبة القرار الأول والأخير.
4. التجمع الوطني للأحرار… بديل الوافد الجديد للإطاحة بالإسلاميين
لا أحد يختلف على كون حزب التجمع الوطني للأحرار يندرج ضمن خانة الأحزاب الإدارية والمقرب من القصر، حيث لتسلط الضوء على أدائه خلال سنة 2018 ينبغي عدم إغفال هذه الجزئية التي يقوم عليها الحزب منذ 40 عاما ، عندما قام بإنشائه صهر الحسن الثاني، أحمد عصمان، وإذا كان من الممكن رصدالأداء السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار في حدثين رئيسين:
 دخول حكومة العثماني بشروط البلوكاج.
 الدخول في ثنائية قطبية مع العدالة والتنمية.
 حملة انتخابية سابقة لأوانها عبر” مسار الثقة”
أبرز أحداث حزب التجميع الوطني للأحرار يتمثل في دخولهلحكومة سعد الدين العثماني بنفس الشروط التي كان قد رفضها سلفه بنكيران ،والمتجلية في فيما بات يعرف إعلاميا بالتركيبة الرباعية أولا إبعاد حزب الاستقلال من المشاركة الحكومية، ثانيا قبول مشاركة حزب الاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي في الأغلبية البرلمانية، ثالثا واحتفاظ الأحرار برئاسة مجلس النواب، رابعا تقديم برنامج حكومي قابل للتطبيق ويراعي إكراهات المغرب الداخلية والخارجية ويضمن الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية.
وعلى حين غرة مفاجئة في الساحة السياسية، قرر المغرب العودة إلى الاتحاد الافريقي بعد مغادرة لأزيد من ثلاثين سنة احتجاجا على حضور جبهة البوليسارو كدولة، خلطت هذه المفاجأة كل الخطط السياسية إبان تشكيل الحكومة،ليعجل الاتحاد الافريقي وعودة المغرب إلى الحضن الافريقي بانتخاب رئيس مجلس النواب وهياكله قبل تشكيل الحكومة من أجل المصادقة على معاهدة القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقيوترأس عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المكلف، وعبد الواحد الراضي، النائب البرلماني الأكبر سنا، رئاسة جلسة تشاورية بشأن تحديد موعد انتخاب رئيس مجلس النواب،ليتم انتخاب الحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب عن حزب الاتحاد الاشتراكي، بعدما تقدم وحيدا للرئاسة في ظل عدم تقديم حزب العدالة والتنمية مرشحا عنه وكذا في ظل تعميم قرار القاضي بتصويت عبر الورقة البيضاء في إشارة إلى عدم التصويت على أي مرشح ،وهو نفس الاتجاه الذي ذهب معه حزب التقدم والاشتراكية بالتصويت عبر البطاقة البيضاء، كما قررحزب الاستقلال قبيل إنطلاقة التصويت وانسحاب، فيما قرّرت أحزاب الأصالة والمعاصرة، والتجمع الوطني للأحرار، والاتحاد الدستوري، التصويت على الحبيب المالكي.
في مقابل ما عرفته الساحة السياسية التي انشغلت بعودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي إلى حين إعفاء بنكيران من تشكيل الحكومة وتعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة خلف لسلفه، ليتنازل بنكيران لفائدة سعد الدين العثماني بشروطه التي كان قد حددها لدخول إلى الحكومة وهو على رأس الأمانة العامة وفق التمديد الاستثنائي لبنكيران لمدة سنة، ليدخل التجمع الوطني للأحرار بشروط البلوكاج وقيادته للقطاعات اقتصادية وازنة بداية من تعيين عزيز أخنوش رئيس الحزب في منصب وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغاباتوتعيين مبارك بوسعيد في وزارة الاقتصاد والمالية الذي سيعفى من منصب بسبب تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ليحل مكانه محمد بنشعون ، مرورا بوزارة العدل التي على رأسها محمد اوجار و تعيينمولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي،وصولا إلى تعيين رشيد الطالبي العلمي وزير الشباب والرياضة بإضافة إلى تعيين امباركة بوعيدة كاتبة للدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلفة بالصيد البحريإلى جانب لمياء بوطالب كاتبة الدولة لدى وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي المكلفة بالسياحة.
 الدخول في صراع على 2021
عادت إلى الواجهة نظرية الأحزاب الإدارية لتطفو على السطح مجددا لدى حزب التجمع الوطني للأحرار،الذي لم يتعفى بعد من هذا الوسم الذي رافقه منذ 40سنة إلى الان بوصفه مول للقصر الملكي، على الرغم من رفض قيادته هذا التوصيف مرارا وتكرارا حتى عندما كان يرأسه احمد عصمان صهر الراحل حسن الثاني طيلة 29 سنة إلى حدود سنة 2007 مع مجيئيمصطفى المنصوري لتطيح به الحركة التصحيحية من الحزب ورئاسة مجلس النواب معا،بقيادة مزوار الذي قدم استقالته بدوره بعد اخفاق في الانتخابات التشريعية لسنة 2016، وما أثارها من تأويلات بكون مزوار يمهد الطريق نحو مناورة سياسية ، وذلك ما سيتأكد عند انتخاب عزيز اخنوش رئيسا للتجمع الوطني للأحرار.
وبالمناسبة فعزيز اخنوش صديق للملك وللقصر، وواحد من أثرياء القارة الافريقية وليس المغرب فقط، وبالتالي فإن اعتلاء عزيز اخنوش للحزب يعود للوجهة القول القائل أن حزب التجمع الوطني للأحرار يلعب دور ضابطالتوازنات السياسية مقابل الأحزاب الاخرى.
ومما يعز طرح لعب التجمع الوطني للأحرار دور ضابطالتوازنات السياسية، نجد أن حزب الوافد الجديد المتمثل في حزب الاصالة والمعاصرة، قد خسر الانتخابات التشريعية لسنة 2016، وبالتالي يكون قد خسر مواجهته مع حزب العدالة والتنمية ،فلم يتوانى الأمين العام الياس العماري في أي حديث سواء رسمياأوحزبيا إلا ويقول أنه جاء لمحاربةالاسلامين ولا شيء غير ذلك، فبات من المؤكد انهزام حزب صديق الملك في المعركة، ليتم نقل نفس الخطة إلى حزب أخر يمثله صديق الملك، لمواجهة الاسلامين في افق 2021.
ما يلفت الانتباه أيضا، انتباه الفاعلين السياسيين خاصة رئيس الحكومة الأسبق عبد الاله بنكيران، لهذا التحول من جهة،خاصة عقب البلوكاج الذي قاده حزب التجمع الوطني للأحرار وشروط التعجيزية لدخول الحكومة،فلم يتأخر عبد الإله بنكيران في إعلان الحرب السياسية بين قطبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، من قبيل هذه التدشينات والتصريحات لبداية قطبية جديدة، قول بنكيران” إن زواج المال والسلطة خطر على الدولة” في إشارة إلى أخنوش، ثم يستدرك الامر ويمسى عزيز أخنوش قائلا”إذا أراد أخنوش أن يفوز في الانتخابات القادمة فليس لدي أي مشكل، لكن عليه أن يقول لنا من هي العرافة التي أخبرته بهذا”
وخلفت تصريحات بن كيران الذي لا يحمل أي صفة حزبية، انتقادات واسعة في صفوف حلفاء العدالة والتنمية، وعلى رأسهم التجمع الوطني للأحرار، الذي كان معنياً مباشراً بهذه التصريحات،وأولى تجليات الأزمة الجديدة غياب جميع وزراء حزب التجمع الوطني للأحرار عن المجلس الحكومي،ووجد رئيس الحكومة، سعيد الدين العثماني، نفسه محرجاً لفراغ كراسي وزراء حلفائه.
وفي جواب عن أزمة التي أشعلها بنكيران شدد مصطفى الخلفي، الناطق باسم الحكومة، على أن “موقف رئيس الحكومة الذي عبر عنه خلال المجلس الحكومي هو الاشتغال في إطار التماسك، معلناً مواصلة العمل المشترك بين مكونات الأغلبية”. مؤكدا على أن الانسجام لا ينعى الاختلاف في إشارة ضمنية لوجود أزمة خفية أكثر مما أظهر الخلفي الذي بالمناسبة كان داعما لبنكيران في الولاية الثالثة.
وفي ظل هذا الصراع، عجلت الأمور بتوقيع ميثاق الأغلبية بين الأحزاب المشكلة للأغلبية البرلمانية والحكومية، في إشارة لسعد الدين العثماني على أن تصريحات بنكيران تصريحات فردية وشخصية لا تمت بصلة للحزب، وأن مواقف الحزب تصدر عبر بلاغات وعن الأمانة العامة للحزب وبطريقة رسمية في إعلان عن تبرأ سعد الدين العثماني من تصريحات بنكيران، ليضيف بدوره لحسن الدودي أن خرجة بنكيران أحرجت رئيس الحكومة سعد الدين العثماني”.
ونقرأ مثلا في التصريحات التي تشعل لهيب صراع بين القطبين، حين اتهم رشيد الطالبي العالمي نائب الأمين العام لحزب العدالة و التنمية المغربي، سليمان العمراني، بأنه يقوم بتخريب البلاد عبر التشكيك في المؤسسات السياسية، واتهام حزب رئيس الحكومة المغربي، بأنهم أتباع نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصفه بالنموذج الفاشل، وأنهم يحملون مشروع دخيل على المغرب وأن حزب العدالة والتنمية المغربي يريد تخريب البلاد ليسهل عليه وضع يده عليها.
ومن المفارقات أيضا، أن القيادي رشيد طالبي العلمي وزيرا للشباب والرياضة في حكومة سعد الدين العثماني، وأن الحزب التجمع الوطني للأحرار لم يعتذر عبر بلاغ مما يعبر عن موقف الحزب الصامت، مع ذلك لم يقدم استقالته من الحكومة إذا كان فعلا يرى أن حزب العدالة والتنمية يحمل مشروع دخيل وتخريبي، مما جعل من الساحة السياسية تدخل في صراع القطبين في ظل صمت حزب التجمع الوطني للأحرار واستياء العارم في صفوف قادة الحزب من ضمنهم بنكيران الذي داعى إلى رد أكثر قسوة على وزير شباب والرياضة بدل الاقتصار على بلاغ استنكار أو ما وصفه الرميد وزير الدولة للحقوق الانسان بإشهار الورقة الصفراء في وجه الوزير.
ومن العلامات التي تغذي طرح صناعة “وافد ما بعد الجديد” أن رئيس التجمع الوطني للأحرار، عزيز اخنوش ، وهو في ذات الان وزير للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات منذ حكومة عباس الفاسي وصاحب المخطط الأخضر، لم يكن له أي انتماء سياسي حتى وأنه كان يقود وزارة الفلاحة باعتبار وزير تقنقراطي منذ أن قدم استقالته سنة 2012 من التجمع الوطني للأحرار. لينتخب دون مفاجئة رئيسا للحزب عقب استقالة الأمين العام السابق مزوار في رئاسة الحزب ، فيما اعتبرت مناورة سياسية كبيرة يخطط لهالإستبادل الاصالة والمعاصرة بالتجمع الوطني للأحرار لمواجهة الاسلامين.

 حملة انتخابية سابقة لأوانها عبر” مسار الثقة”
بعد خطاب نهاية النموذج التنموي المغربي للعاهل الملك محمد السادس، انبرى حزب التجمع الوطني للأحرار عبر التقاط الإشارات الملكية إلى إعداد مساهمة في النموذج التنموي الجديد “مسار الثقة”، التي أطلقها من مدينة اكادير معتبا إياها الهوية السياسة للحزب في أفق استحقاقات2021 .
فيما اعتبرها الحزب التزاما سياسيا للأحرار اتجاه المغاربة من أجل خدمة الصالح العام وتلبية الطموحات المشتركة للأمة، منطلقا من تشخيص واحد أي تشخيص الحقائق، ورفض الحزب لعب دور المتفرج باعتبار الاحرار فاعلون وناقدون ذاتيون.
فبدخول الاحرار بمسار الثقة يكون في جهة، التقطوا الإشارات من القصر أولا، ثانيا الاعداد المبكر للانتخابات 2021 ما لم تكن هناك انتخابات سابقة لأونها وهو يتهئ لترأس الحكومة، بدون إخفاء أن الأحرار يلعبون على وثر الامازيغية من ناحية حيث لم تكن اطلاق المشروع السياسي من أكادير أمر عبثي أو بدون حسابات خفية، ومن ناحية أخرى على وثرة الفلاحة والصناعة من أجل كسب ود المغاربة.
5. الاتحاد الاشتراكي حزب 20 مقعد رئيسا لمجلس النواب.
حزب 20 مقعد يدخل الحكومة بعد البلوكاج، وحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب،هذا هو العنوان العريض لأداء الاتحاد الاشتراكي خلال سنة 2018، من دون جديد يذكر على الساحة الحزبية ، فيما بعد البلوكاج الذي قاده التجمع الوطني للأحرار، مما أدى إلى توصيفه بأنه ملحقة تابعة للأحرار، أو ما سمته حسناء أبو زيد بأن “لشكر الكاتب الأول للحزب ذبح الحزب”. لعل هذا التوصيف الأدل على ما يعيش الاتحاد الاشتراكي من وضعية تبعية لدى حزب صديق الملك الجديد، بعدما كان الحزب يقف في وجه الملك مباشرة.
فما تزال تطرح علامات استفهام كبيرة حول حزب الاتحاد الاشتراكي الذي قاد حكومة التناوب، و واحد من أحزاب الكتلة الديمقراطية، حول أدائه السياسي والحزبي وانتخابي، فإننا نسجل صمت طويل يخم على الحزب من غير خرجات إعلامية معدودة على رؤوس الاصابع، وتواري الأنظار لباقي القيادة الحزبية، فلا يتحدث الاتحاد الاشتراكي إذا خرجنا على البلوكاج الحكومي إلا على حكومة عبد الرحمان اليوسفي، دون أن يحمل نفسا سياسيا داخل الاطياف السياسية والحزبية.
بهذا لا يعدو كون الاتحاد الاشتراكييستنزف مخزونه الرمزي ويقتات عليه للبقاء.
وللوقوف عند انتخب مجلس النواب، للبرلماني عن الفريق الاشتراكي لحبيب المالكي رئيسا له؛ وذلك بعدما ترشح وحيدا خلال الجلسة العامة التي ترأسها عبد الواحد الراضي، أكبر البرلمانيين سنا، باعتباره رئيسا مؤقتا.وفي الوقت الذي قرر فيه الفريق الاستقلالي الانسحاب من الجلسة، وتصويت نواب العدالة والتنمية بأوراق بيضاء، بسبب عدم وضوح وضعية الأغلبية الحكومية، حاز المالكي على أغلبية المصوتين، بعدما حظي بدعم كل من نواب أحزاب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري،فقد أعلن عبد الواحد الراضي رفيقه في الحزب الحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب؛ حيث بلغ عدد المشاركين 342 من أصل 395 نائبا في الغرفة الأولى للبرلمان، مؤكدا أن “الأصوات الملغاة هي 7، وحصل على 198 صوتا التي تساوي الأغلبية المطلقة، فيما الأوراق البيضاء بلغت 137”. والجدير بالذكر في هذا الصدد في حادثة غريبة تم التسليط الضوء عليها إبان انتخاب لحبيب المالكي أن بعض البرلمانين لم يعرفوا كتابة اسم لحبيب المالكي.
مما يجعلالوضع الحزبي للاتحاد الاشتراكي قاتما، ضبابيا، غامضا، خاصة في ظل تراجع أدائه الانتخابي في الاستحقاق الاخير، و دخوله للحكومة عبرعبد الكريم بنعتيق كوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، ومحمد بن عبد القادر كوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية، ورقية الدرهمكاتبة الدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي المكلفة بالتجارة الخارجية.
6. الاتحاد الدستوري الحصان في خدمة الحمامة.
نفس القول الذي يقال على الاتحاد الاشتراكي صاحب 20مقعد يقال على الاتحاد الدستوري صاحب 19 مقعد، بأنه قابع في حضن حزب الحمامة، وأن حزب الاتحاد الدستوري وأمينه العام محمد الساجد الذي هو كذلك وزيراً للسياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي في حكومة العثماني، يبدو أكثر نوما في ما بين أحزاب البلوكاج،فيما حصل عثمان فردوس على كتابة دولة مكلفة بالاستثمار لدى الوزير التجمعي حفيظ العلمي الذي يعرف المغاربة حتى في خرجة إعلامية قصيرة.
بذلك يكون حزب الاتحاد الدستوري، بدوره في وضعية إلحاق بحزب التجمع الوطني للأحرار، لا ينطق إلا على هوى أحزاب البلوكاج.
7. الاصالة والمعاصرة في المعارضة بدون وجهة وبدون أمين عام.
إن أداء حزب صديق الملك خلال سنة 2018، عرف حدثتين أساسين: يتجلى الحدث الاول في استقالة الياس العماري من على رأس حزب الاصالة والمعاصرة، والحدث الثاني المتمثل في انتخاب حكيم بنشماس أمينا عاما خلف لياس العماري في مجلس وطني استثنائي ورئيسا لمجلس المستشارين لولاية ثانية.
 استقالة الياس العماري من على رأس حزب الاصالة والمعاصرة.
 حكيم بنشماس أمينا عاما ورئيسا لمجلس المستشارين.
تعتبر استقالة إلياس العماري من الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة حدثا بارزا في حياة حزب الاصالة والمعاصرة، حيث خلق رجّـة في المشهد الحزبي والسياسي، وخلّف أصداء سياسية، من خلال مختلف المواقف المعبر عنها، داخل الحزب وخارجه، وتأتي استقالة قائد “الجرار” في خضم محيط سياسي وحزبي متداع، أدانه ملك البلاد في الخطاب الأخير لعيد العرش، ووجه فيه جـام نقده إلى الطبقة السياسية، خصوصا المنتخبين والإدارة والأحزاب المسؤولين مباشرة عن تنفيذ مشاريع التنمية، مما اعتبر الياس العماري نفسه معني بخطاب العرش، لهذا قدم استقالته من الامانة العامة للحزب.
و كما قال المغاربة لا نار بدون دخان، كانت استقالة الياس العماري غريبة واستثنائية في زمن سياسي استثنائي، وبهذا تكون استقالة الياس العماري شبيهة باستقالة صلاح الدين مزوار في قيادة التجمع الوطني للأحرار، مما أدى إلى بسط التساؤل الكبير حول ما بعد استقالة الياس العماري…؟ في قول أنه بعد إعفاء بنكيران من رئاسة الحكومة أولا، وثانيا مغادرة حميد شباط الامانة العامة لحزب الاستقلال، وثالثا استقالة صلاح الدين مزوار من الامانة العامة لحزب التجمع الوطني للأحرار، بداية حديث عن ترتيبات سياسية قادمة في تاريخ المغرب، وذلك ما سيتضح أن المشعل مواجهة الاسلامين سيحمله حزب صديق الملك الجديد.
اجمالا، فإن استقالة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة ينبغي أن نستحضرها في، العناصر الآتية:
 الهزيمة الانتخابية لـ 07 أكتوبر، وهي الهزيمة التي ألقت بظلالها على الوضع العام للحزب لمدة شهور. والخروج الاضطراري إلى المعارضة بعدما كان الحزب يتهيأ لقيادة الحكومة، وكان بعض أعضائه يتهيؤون للاستوزار.
 مأزق الأمين العام خاصة فيما يتعلق بمسؤوليته السياسية على رأس جهة طنجة تطوان الحسيمة من جهة، ومن جهة أخرى يتحمل مسؤولية شعاراته التأسيسية بقول حزب الاصالة والمعاصرة حزب اكبر من الاحزاب.
 تأزم الأوضاع بالريف، (وإن كان الأمين العام قد نفى أية علاقة سببية بين الاستقالة وموضوع الريف)، وطبيعة المقاربة المعتمدة من قبل الدولة للتعاطي احتجاجات الريف.
لكل هذه الأسباب ألقت بظلالها على الامين العام للأصالة والمعاصرة حتى يقدم استقالته، ليقود الحزب لحبيب بلكوش بنيابة إلى حين بث المجلس الوطني في استقالة العماري، إلا أن هذا الطروح لا تجد العنصر الناظم بينها من غير الحديث عن مناورة سياسية كبيرة تحاك في الخفاء،كما كانت وليدة الحزب الغير الطبيعي بداية من حركة لكل الديمقراطيين وصولا إلى حزب سياسي بإيعاز من صديق الملك فؤاد عالي الهمة وتخلى عن الحركة فيما بعد، تجعل من الاستقالة محط تساؤلات كبيرة التي من ضمنها هل هي نهاية الزمن السياسي للوافد الجديد…؟ وهل انتقل المشعل من الاصالة والمعاصرة إلى التجمع الوطني للأحرار لخوض نفس المواجهة ضد الاسلامين التي خسرها الاصالة والمعاصرة خسارة مدوية…؟
فعلى الرغم من حصوله داخل قبة البرلمان على 102 مقعد مع زلة لسان الشهيرة لوزير الداخلية إبان إعلان النتائج، فإنه لم يشفع للحزب أن يقود معارضة قوية داخل البرلمان من غير فلتات أعضائه من قبيل النائب البرلماني عبد اللطيف وهبي داخل القبة مجلس النواب، وعزيز بنعزوز داخل مجلس المستشارين الذي سيعاد انتخاب الامين العام بنشماس رئيسا لمجلس المستشارين للمرة الثانية على التوالي.
وبالعودة إلى استقالة الياس العماري نجده يقول عبر بلاغ الحزبأنه بحكم مسؤوليته السياسية كأمين عام أشرف على مختلف المحطات خلال سنة ونيف، من بينها محطة الانتخابات، تقدم السيد إلياس العماري باستقالته من منصبه أمين عام لحزب الأصالة والمعاصرة وأكد أنه سيظل كما كان، مناضلا ضمن صفوف الحزب وأجهزته،وبعد نقاش مستفيض أجمع أعضاء المكتب السياسي على رفضهم للقرار الفردي للسيد الأمين العام. وأمام تشبث السيد إلياس العماري بقرار الاستقالة، فقد قرر المكتب السياسي عرض الاستقالة على أنظار المجلس الوطني للحزب، بهذا لا يعدو كون إلياس العماري قدطبق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في نفسه.
أما الحدث الثاني فهو قبول المجلس الوطني في دورته الاستثنائية استقالة إلياس العماري، وانتخب حكيم بنشماس امينا عاما خلفا لإلياس العماري على رأس الحزب،مكتسحاً أصوات المجلس الوطني للحزب، إذ نال 439 صوتاً، مقابل المرشح الثاني محمد صلوح الذي حصل على 39 صوتاً فقط، وبعده جاء ثالثاً القيادي الشاب عدي الهيبة بـ35 صوتاً، ثم ياسر اليعقوبي بـ12 صوتاً، وعزيزة الطيبي بـ9 أصوات، وهشام حضري بـ3 أصوات.
فبإلق النظر على مجلس المستشارين، سيتم إعادة انتخاب حكيم بنشماس مرشح حزب الأصالة والمعاصرة، رئيسا لمجلس المستشارين لولاية ثانية كحدث بارز في أداء السياسي خلال سنة 2018 بعد ترأس للحزب، وقد حصد لصالحه 63 صوتا من أصل 91 مجموع المصوتين، مقابل 19 صوتا لشيخي. وامتناع عن التصويت 28 مستشارا برلمانيا عن حزب الاستقلال والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، من أصل 120 عضوا بالمجلس، فيما سجل غياب مستشار واحد. وتقدم مرشح حزب الأصالة والمعاصرة حكيم بنشماس، ومرشح حزب العدالة والتنمية نبيل شيخي للتنافس على رئاسة المحلس، بعد تراجع حزب الاستقلال عن تقديم مرشحه للتنافس تحت ذريعة الغموض والضبابية السياسية السائدة في المشهد السياسي، بعد أن قررت الامانة العامة لحزب العدالة والتنمية تقديم نبيل شيخي للتنافس في ظل غياب مرشح الاغلبية البرلمانية كما هو محدد في ميثاق الاغلبية الموقع بين الاحزاب المشكلة للحكومة،ليؤكد هذا الانتخاب من جهة أخرى على القول الذي ذهب إليه حزب الاستقلال أن المشهد السياسي يعرف إرباكا وغموضا ، لا المعارضة في المعارضة ، ولا الاغلبية في الاغلبية، أو كما وصف المتتبعين للعملية بالمهزلة.
8. حزب الاستقلال نزار البركة امينا عاما بمساعدة ولد الرشيد واصطاف في المعارضة.
ما يميز الاداء السياسي لحزب الاستقلال خلال سنة 2018 ، ما بعد معركة الصحون الطائرة ، والاطاحة بالنقابي حميد شباط من رئاسة حزب الاستقلال ومجيئ نزار بركة إلى رئاسة الاستقلال في المؤتمر 17 للحزب،نزار البركة المعروف بهدوء وعدم دخوله في صراعات مع الدولة أو كما يوصف” بابن الدار” وهو الوزير في عدة محطات حكومية ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي،خاصة مع عدم تبنى البركة لأطروحة المخزن التي عزى لها حميد شباط أنه يراد له الخروج من المشهد السياسي.
إن حزب الاستقلال بدى طيلة سنة كاملة هادئ يحاول ترتيبيته الداخلي و أوراقه السياسية في ظل مشهد سياسي ضبابي ومرتبك مدعوما بتيار حمدي ولد الرشيد الذي انتزع لائحة اللجنة التنفيذية داخل الحزب ضد تيار الثالث وتيار بلا هوادة.
ومما لاشك فيه بأن التركة التي خلفها حميد شباط إزاء علاقته مع الدولة من جهة ، ومن جهة أخرى علاقة الحزب مع باقي الاحزاب فيما يخص خروج الحزب من حكومة بنكيران الاولى والاصطفاف في موقع ضبابي اتجاه المعارضة فيما سميت بالمساندة النقدية للحكومة، ثم تعبير موقف الحزب برغبته بالدخول إلى حكومة بنكيران عقب نتائج انتخابات 7 أكتوبر، ليتم فيما بعد تخلى عليه من طرف بنكيران على إثر تصريحه على موريتانيا وتكفل المستشار الملكي طيب الفاسي الفهري، بإجابة شخصيا على تصريحات الامين العام على قناة عمومية، في إشارة لتصريف موقف الملكية من تصريحات شباط.
لكل هذه التركة الثقلة التي تركها حميد شباط الذي احتفظ بمكان داخل قبة البرلمان مع اختفاء عن الحياة السياسية كما لو لم يمر حميد شباط على حزب الاستقلال،ه ذه الحصيلة دفع الحزب ضريبتها خلال الاستحقاقات الانتخابية أولا ، وثانيا خلال البلوكاج الحكومي الذي خرج فارغ اليدين من تموضعه السياسي، لهذا حرص الحزب على إعادة النظر في تحالفاته برمتها، وقراءة الوضع السياسي الذي اعتبره بأنه غامض كما سماه إبان انتخاب بنشماس رئيسالمجلس المستشارين.
نتيجة لذلك فقد اختار الحزب المعارضة بعد اختياره المساندة النقدية للحكومة منذ خروج الحزب من حكومة بنكيران الاولى،في قرار اتخذ بإجماع في المجلس الوطني للحزب،ولم يخرج التقرير السياسي الذي قدمه الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، عن هذا الاتجاه، حيث هاجم من خلاله حصيلة حكومة سعد الدين العثماني قائلا إنها “لا ترقى إلى المستوى المطلوب”
كما نحى نحو اعتبارأن الموقع الطبيعي اليوم لحزب الاستقلال هو المعارضة الوطنية مع استبعادأي التحالف في موقع المعارضة مع حزب الاصالة والمعاصرة أو فيدرالية اليسار على الرغم من نقاط الاتقاء والاشتراك في الطروحات.

9. فيدرالية اليسار نائبين ضد النظام.
مما لا شك فيه أن فيدرالية اليسار يعد واحد من الاحزاب الذي يشكل ظاهرة خاصة عن باقي الاحزاب، خاصة بمرجعتيه التي لا يخفيها وبطمحه إلى ملكية برلمانية خالصة يسود فيها الملك ولا يحكم،وهو نفس القول الذي ذهبت إليه منيب في احدى لقائتها الاعلامية إبان الحملة الانتخابية ل7أكتوبر” أنها لو فازت في الانتخابات،فإنها ستقدم مشروع تعديل دستورييتح لها قلب المعادلة، لكن نظريا هذا ما يسعى إليه اليسار منذ حصول المغرب على الاستقلال إلى حدود الان دون أن يتأتى له ذلك، بعدما كانت الفيدرالية اليسار قد قاطعت التصويت على دستور 2011 بالرغم من اعتباره بالدستور المتقدم على دستور1996.
و قد أعلنت منيب الامينة العامة للفيدرالية اليسار كأول امرأة على مستوى رأس الامانة العامة بالمغرب،ترشحها على رأس اللائحة الوطنية للنساء لفدرالية اليسار الديمقراطي من أجل الحصول على مقعد برلماني من أصل 60 مقعدا مخصصا للنساء بالبرلمان، وفي 7 أكتوبر 2016 وخلال الانتخابات التشريعية المغربية 2016 تمكنت الفيدرالية من الحصول على مقعدين في البرلمان، بينما لم تتمكن نبيلة من تخطي حتى عتبة الحصول على مقعدها.
إن اقتصار فيدرالية اليسار على التمثيل بنائبين برلمانين فقط داخل البرلمان، بذلك فإنها تعويل على بلا فريج ومصطفى الشناوي كأصوات جريئة في طرح القضايا والاسئلة داخل البرلمان على شاكلة القيادي ايت بن يدر الذي قدم سؤال حارقا داخل قبة البرلمان عن معتقلات تازمامارت إبان سكوت الجميع على طرح مثل هذه القضايا، إلى جانب اعتماد فيدرالية اليسار على الاصوات المتمردة، فإنها تلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتمرير عدد من الافكار والمقترحات، على غرار خرجة إعلامية لبلافريج يقول فيها أنه لا يتفق مع مضامن الخطاب الملكي في سابقة من مثلها في الساحة الوطنية.”أختلفُ باحترام مع المضامين والحلول التي اقترحها الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ 19 لعيد العرش”، وأنه “لا يملك الطابوهات في قاموسه السياسي، مع احترامه لكافة مؤسسات البلاد؛ فالقانون يكفل للجميع التعليق على الخطاب الملكي باحترام، مشددا على أنه كان ينتظر “انفراجا سياسيا بدايته تكون بإعلان إطلاق معتقلي حراك الريف، لطي صفحة سنتين صعبتين عاشتهما العديد من المناطق، يتقدمها الريف وجرادة وزاكورة”.
وهو نفس الشيء عند برلماني مصطفى الشناوي، حيث أبدى عدم رضاه على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية داخل قبة البرلمان مشيرا إلى أن الملك هو الذي ورائها عقب عرض التصريح الحكومي.
صحيح أن فيدرالية اليسار الديمقراطي على الرغم من امتلاكها لمقعدين، فيمكن اعتبار أن عملها يبقى مقبولا ومستحسنا على مستوى المقترحات البرلمانية المقدمة خاصة من جهة ، ومن جهة أخرى مقارنة مع عدد المقاعد التي تمتلكها ولا سيما أنهم لا يشكلن حتى فريق داخل البرلمان، وأن بلافريج في اللجنة المالية والاقتصاد والشناوي في لجنة القطاعات الاجتماعية.
وما يحسب لفيدرالية اليسار ، أنه قدم أكثر من 160 سؤال منذ دخول إلى البرلمان لحدود اليوم، وليست أي أسئلة عابرة،فمن بين الأسئلة لإلقاء نظرة عليها مثلا السؤال المقدم للحكومة القائل متى سيصل القطار لمدينة ورززات؟ وتقديم مقترح إلغاء عقوبة الإعدام رسميا في البلاد فضلا عن مقتـرح قانون للعفو العام على معتقلي الاحتجاجات الاجتماعية، و مقترح قانون لإلغاء نظام معاشات أعضاء البرلمان، وكذا تخصيص نسبة 4 في المائة من النفقات والمعدات المختلفة لدعم قطاع التعليم بما فيها ميزانية القصر الملكي، وكذا تعديل المساهمة التضامنية الجديدة من ـ%2.5 إلى 5 في المئة على شركات المحروقات التي تفوق أرباحها 40 مليون درهم، بدون إغفال أن فيدرالية اليسار في شخص بلافريج دائما ما يصوت برفض ميزانية القصر الملكي خلال التصويت على قانون المالية.
ونطالع في ديباجة مقترح قانون لإلغاء نظام معاشات أعضاء البرلمان المقدم من فيدرالية اليسار،”تعد العضوية في مجلس البرلمان مهمة وطنية تتمثل في تمثيل الامة، وبالتالي فهي ليست مهنة كباقي المهن او علاقة التعاقدية او نظامية تستوجب تقاضي راتب والاستفادة من معاش، بل علاقة تمثيلية سياسية يقوم على اثرها النائب بتمثيل الامة خلال فترة محددة في الزمن مقابل تعويض يضمن استقلاليته ويمكنه بقيام بمهمته بجدية”
وفي نفس الاطار نطالع مقترح قانون يرمى إلى العفو العام على كافة محتجي الحركات الاجتماعية “انطلاقا من الرغبة في تدشين مرحلة جديدة وتخفيف الاحتقان القائم والمتعدد واستعادة الثقة في المؤسسات واطلاق حوار وطني جدي حول أسس بناء تعاقدي اجتماعي مغربي قادر على تأمين مستقبل افضل لجميع أبناء الوطن في شماله وجنوب فنحن كنواب الامة عن فيدرالية اليسار نتقدم بمقترح العفو العام على معتقلي الاحتجاجات واعتبار الأحكام الصادرة في حقهم بمثابة أحكام بالبراءة مع تعويض الدولة على الأضرار.
مهما يكن، فإننا نسجل على فيدرالية اليسار أنها لم ترقى إلى مستوى المؤسسات، على اعتبار أن فيدرالية اليسار المكونة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد، دائما ما يختصر في أشخاص من قبيل منيب و بلافريج والشناوي وتجاوز على سعيد ايت بن يدر فقط، خاصة اختصار فيدرالية في عمر بلافريج المثير للجدل داخل البرلمان، ولا سيما ومشروعها السياسي الطموح العريض ” النضال الديمقراطي الجماهيري السلمي للمساهمة في الانتقال من نظام “مخزني” إلى نظام ديمقراطي”.
10. أحزاب الثالثة بخمسة مقاعد بحصيلة الصفر
إن أحزاب حزب اليسار الأخضرالحركة الديمقراطية والاجتماعية وحزب الوحدة والديمقراطيةالممثلة في البرلمان ما بين مقعد أو ثلاثة مقاعد لا يذكر لها أي تحرك مما يجعل حصيلتها قابعة في الصفر، لا من حيث عدد المقترحات والاسئلة الشفوية ناهيك عن حضور أحزابها في المشهد السياسي ، يبدو وأنها دخلت غمار الانتخابات وهي تعرف أنها لا تفوز وفجأة وجدت نفسها فائزة.
خلاصة.
في الختام، إن خلاصة الأداء السياسي للأحزاب المغربية لسنة 2018، لا تخرج عن الأداء السياسي لسنوات السابقة،فالملك غدى مهيمنا على الوضع السياسي المغربي، وتحول انشغال الفاعليين السياسيين من حزب صديق الملك الاصالة والمعاصرة إلى حزب صديق الملك الجديد التجمع الوطني للأحرار ، في تكريس وإعادة لنفس المشهد السياسي والحزبي ما قبل 2011 مع دخول حزب الاصالة والمعاصرة للحياة الحزبية سنة 2009.
إن الأداء الحزبي لسنة 2018، في ظل غياب الأحزاب بمهمتها المتعلق بالوساطة والتأطير طيلة السنةالسياسية إبان مختلف الاحتجاجات التي عرفها المغرب،فقد تكفل الشارع بدور الأحزاب السياسية، و لعل انتقال الاحتجاجات والمطالبات إلى الملاعب الكروية في المباريات الوطنية والمحلية تعكس الوضع والحالة التي وصلت إليها الأحزاب.
إن الوضع الحالي للبلاد لا تعكس إلا أغنية في بلادي ظلموني…

*باحث في القانون العام والعلوم السياسية.

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع