استفحال ظاهرة التسول خلال الشهر الفضيل بالعاصمة الرباط

الأولى كتب في 8 مايو، 2019 - 18:00 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

عزيزة العسال ـ عبّــر

 

 

في ثاني أيام رمضان تعبر شارع محمد الخامس بالعاصمة الرباط، فتقع عيناك على ملامح شاحبة تركن إلى بوابات المحلات المقفلة بالنهار، وتستغرب من كثرة الأشخاص الذين اتخذوا لهم أماكن بشكل متقارب إلى مزدحم أحيانا ينتظرون عبورك لينهالوا عليك بوابل من الدعوات للجود عليهم بدراهم، وأمام هذا الموقف يتيه بك الفكر بين التصديق والتقبل والتحري وتدخل في دوامة الاستفسار عن سبب تواجد كل هؤلاء وكثرة المتسولين خلال شهر رمضان.

 

 

جنبات المساجد تصبح قبلة المتسولين

 

 

أشارت ربيعة طالبة باحثة بمدينة الرباط، إلى أن “ظاهرة التسول تزداد خلال شهر رمضان، خاصة بالقرب من المساجد، والأمر الملفت الانتباه أن العديد من النساء يتمتعن بصحة جيدة وقادرات على العمل ويلجأن إلي امتهان التسول ويستغلن في ذلك أطفال صغار من أجل استجداء عطف المارة”.

وعزز منعم مهندس رأي ربيعة “في شهر رمضان يتزايد عدد المتسولين خاصة بالقرب من المساجد وكذلك على طول شارع محمد الخامس، كما أن انتشار هذه الظاهرة بكثرة لم يعد يعرف معه الشخص إذا كانت هذه الفئات محتاجة أم تمتهن التسول من أجل الغنى”.

 

 

 

السياسة الإحسانية والموروث الديني وتخلي الدولة عن مسؤولياتها عوامل استفحال الظاهرة

 

ومن جهته كشف إبراهيم الطالب الباحث في تصريح له لـ”عبّــر.كوم” أن الأمر لا يقتصر على الشهر الفضيل رمضان “فنحن أصبحنا أمام ظاهرة هي نتيجة حتمية لسياسة هيكلة الفقر والسياسة الإحسانية التي تنهجها الدولة، صحيح أن جزء من الأمر يدخل فيه جانب من الثقافة والتراث الديني بالخصوص عبر استغلال ثنائية الجزاء والعقاب ومنطق الصدقة لنيل الثواب وغيرها من العوامل المرتبطة بالدين التي يستغلها المتسولون”.

 

وحمل الطالب الباحث المسؤولية للدولة “لكن ما كان أن تصبح الظاهرة منتشرة بهذا الشكل المهول لولا تخلي الدولة عن مسؤوليتها والتزاماتها اتجاه المواطن”، مضيفا “فنحن لسنا إزاء مجرد حالات معزولة ومنفصلة لكن أصبحنا أمام جحافل وشبكات تتخذ من التسول وسيلة للعيش.

 

 

 

ما يجنيه ممتهن التسول يفوق أحيانا ما يكسبه عامل بناء

 

 

ولم يختلف محمد كثيرا عن باقي المستجوبين “عاصمة المملكة المغربية مدينة يقطن فيها مغاربة من أصول وطبقات اجتماعية مختلفة، مدينة يتلاقى فيها الغني مع الفقير. لقد أصبحت ألاحظ يوميا عشرات الأسر يتسولون في مختلف شوارع الرباط يستجدون عطف كل المارة وأصحاب السيارات لعل أحدهم يجود عليهم ببعض الدريهمات”.

 

وأضاف محمد والذي يدرس الطب “هناك أيضا من يؤكد أن التسول مربح أكثر من بعض الأعمال فمثلا عامل بناء يبذل جهدا كبيرا لساعات مقابل 60 درهما يوميا، الشيء الذي يمكن لمتسول أن يربحه في صباح واحد”.

 

وأشار ذات المتحدث إلى أنه “قد يكون المرء مضطرا للتسول وقد نتفهم ذلك، لكن ما لا يقبل هو احتراف بعض الناس هذه الظاهرة” منعرجا بالقول “لقد أصبح التسول مهنة هؤلاء بل أصبح لكل واحد مكان عمل خاص به لا يقبل أن ينافسه عليه أحد”.

 

واقترح طالب الطب كحل أولي “لتجنب هذه الظاهرة السلبية، على الأسرة والمدرسة تربية أبنائها على احترام قيم العمل وعلى الدولة توفير الشغل و تقليص الفوارق الاجتماعية”.

 

 

“بعض الأشخاص في أمس الحاجة إلى المساعدة ولكنهم لا يستطيعون الخروج إلى الشارع والتسول”

 

وعرض سعيد طالب باحث في شعبة علم الاجتماع مجموعة من ملاحظات حول الظاهرة والتي يعاينها بشكل يومي “مع حلول شهر رمضان الكريم، وبالضبط في مدينة الرباط العاصمة ألاحظ انتشار ظاهرة التسول بكثرة في شوارع المدينة، كما نلاحظ أطفال يجلسون على الرصيف من أجل طلب الصدقة، الذين من المفروض أن يكونوا داخل حجرات المدرسة، وهناك أيضا رجال ونساء بعضهم يتظاهر بالمرض، أو يعاني من إعاقة”.

 

وأضاف ذات المتحدث “كما نلاحظ حتى في الأيام العادية أن هناك العديد من المتسولين نجدهم في الشارع كل يوم، وفي شهر رمضان تزداد هذه الظاهرة، أظن أن السبب وراء ذلك هو أن بعض المتسولين يخرجون في شهر رمضان لأنه شهر الزكاة والبركة كما يعتقدون، وخروجهم للتسول في هذا الشهر أنهم يحصلون على مبالغ أكبر”.

 

واستطرد الطالب الجامعي “في رأيي من يقوم بهذا العمل هم أشخاص محترفون في هذا المجال، لأنه يوجد بعض الأشخاص في أمس الحاجة إلى المساعدة ولكنهم لا يستطيعون الخروج إلى الشارع والتسول”.

 

 

ولاية الرباط تضع برنامج إقليمي لمحاربة الظاهرة يشرف على على الانتهاء بدون نتيجة تذكر

 

 

مقابل استفحال الظاهرة وتناميها وتشعبها واختلاف طرق وسبل ومقاصد مزاولتها مقابل ذلك نجد أن الدولة بذلت مجهودات للنقص من حدتها فولاية الرباط مثلا، وضعت برنامجا إقليميا لمحاربة التسول والتشرد بتراب العمالة، وذلك في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتنفيذا للاتفاقية الإطار لتفعيل المخطط الجهوي لمحاربة الهشاشة لجهة الرباط – سلا – القنيطرة (2016-2020 ) وتم أيضا وضع رقم أخضر (0800000202) للتبليغ عن حالات التشرد، وسرعة التدخل، بالإضافة إلى إحداث مرصد لرصد ظاهرة التسول والتشرد بتراب العمالة، إلا أنه رغم كل ذلك لا تزال الظاهرة في تنامي ملحوظ ولا يمكن الجزم بالقضاء عليها لارتباطها بظواهر أخرى تستدعي وضع استراتيجية تراعي الجانب الاقتصادي والاجتماعي.

 

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع