إنقاذ الموسم الدراسي بين جهود الدولة ومسؤولية الاقتصادي والمدني

عبّر معنا كتب في 19 أبريل، 2020 - 20:35 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

بقلم: نبارك أمرو

بعد مصادقة  المجلس الحكومي في اجتماعه الاستثنائي،  يوم السبت 18 أبريل الجاري، على تمديد حالة الطوارئ الصحية إلى غاية 20 ماي القادم،      وأمام استمرار تفشي وباء كورونا المستجد، بسبب تهورنا كمواطنين من جهة، وجشع بعض المقاولات الإنتاجية التي فرضت على مستخدميها الاستمرار في العمل، في ظروف تتسم بضعف التدابير الوقائية،  مما نتج عنه، للأسف الشديد ظهور  بؤر وباء صناعية، عقدت مأمورية السلطات العمومية والصحية، التي تشتغل منذ أزيد من شهر ونصف لحماية المغاربة من الموت الذي تسببه الجائحة، لابد أن نفكر جيدا في مستقبل أهم فئة تراهن على مستقبلها كل الدول سياسيا واقتصاديا وثقافيا ورياضيا، ألا وهي فئة التلاميذ والطلبة.

أمام الوضعية الوبائية المقلقة، التي سخرت وتسخر لها الدولة كل طاقاتها لمحاصرة انتشار الفيروس ، ،   وفي انتظار أن تكشف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي عن السيناريوهات المحتملة لتدبير  الزمن المدرسي للتلميذات والتلاميذ والطالبات والطلبة في مختلف الأسلاك، لفترة ما بعد تمديد حالة الطوارئ الصحية،  في إطار ما أسمته “ التعليم عن بعد”، الذي تستفيد منه فئات عريضة من هؤلاء، فيما تظل فئات أخرى في المناطق الجبلية والقروية تعيش عطلة استثنائية مفتوحة، في انتظار عودة المعلمين والمعلمات للمدارس العمومية بقراهم البعيدة والمعزولة والمحرومة حتى من شبكة الهاتف والأنترنيت، لا ينبغي أن نلتزم الصمت اتجاه متدخلين آخرين لابد أن يعبروا عن صدق حبهم للوطن وللمواطنين في هذه الظروف العصيبة، بل لابد أن يوفوا على الأقل بالتزامات حققوا ويحققون تحت مظلتها أرباحا طائلة دون التفعيل العملي لبنود هذه الالتزامات، وأهمها، في الظرف الراهن، هو  ضمان استمرار الخدمات في ظل الأزمات، وأقصد هنا دور النشر التي تحقق أرباحا طائلة على حساب الأسر المغربية الفقيرة منها والمتوسطة والغنية.

نعم على دور النشر في الوقت الراهن أن تضع رهن إشارة التلميذة والتلميذ، شأنها في ذلك شأن كبريات المكتبات والخزانات في العالم، كما فعلت ذلك المكتبة الوطنية للمملكة المغربية التي أعلنت وضعها للمراجع  والكتب الرقمية رهن إشارة التلاميذ والطلبة والباحثين، تدبير ا لحالة الطوارئ الصحية التي تعيشها بلادنا، وإيمانا من القائمين عليها بحق المغاربة في العلم والمعلومات، (أن تضع ) دور النشر الكتب الرقمية لمختلف المستويات..

هذا ما نتمناه، بيد أن جل دور النشر، كما هو معروف منطق اشتغالها، لا يمكن أن تقدم  المراجع والكتب المدرسية  الرقمية، التي تحقق من خلال تسويقها أرباحها، للمتعلم المغربي بشكل سهل، وهو ما يحمل وزارة التربية الوطنية، وباقي شركاء المدرسة المغربية، من الصناديق التي تمول وتدعم الكتاب المدرسي، مسؤولية تفعيل نصوص العقود التي تربطها بدور النشر وتفعيل  بعض البنود  “الراكدة” لدفاتر التحملات التي بموجبها تنتعش هذه الدور، وذلك استحضارا لكون البلاد تعرف لأول مرة إغلاق المدارس والجامعات ، وضرورة استمرار العملية التعليمية التعلمية، التي أوفى المدرسات والمدرسون بالتزاماتهم اتجاه أغلبية المتعلمين فيها، ولو على حساب جزء من أجورهم الهزيلة أصلا، فهل تتجرأ  وزارة التربية الوطنية لمواجهة دور النشر ووضع الكتب المدرسية رهن إشارة أبناء المغاربة، وحث شركات الاتصالات الثلاث لتمكين المعلم والمتعلم من صبيب أنترنيت مجاني قادر على تشغيل مختلف الوسائط التي يتطلبها “التعليم عن بعد”؟ وفاء لروح  ال”تمغرابيت “ ولمبدأ بناء الإنسان أولى من بناء العمران..

وهنا لابد أن أذكر الوزارة ولجنة اليقظة الاقتصادية التي تدبر  ميزانية صندوق مواجهة كورونا أن شريحة عريضة من التلاميذ يتابعون دراستهم في المسالك الدولية للبكالوريا، وهو ما يعني أن أي تأجيل لامتحانات البكالوريا، وهو من السيناريوهات المرتقب إعلانها من لدن وزارة سعيد أمزازي، ستجعل مصير آلاف الحاصلين على البكالوريا الدولية خلال الموسم الجاري في كف عفريت..  كما أن حرمان شريحة عريضة من هؤلاء التلاميذ لا تزال تطمح أن يشملها الدعم المرصود للمقاولات والأسر المتضررة  جراء تفشي الجائحة لكنهم لا ينتظرون منا جميعا سوي لوحة إلكترونية وصبيب أنترنيت للاستمرار في التحصيل تحت وضع الحجر الصحي المفروض عليهم..

ومن زاوية أخرى، لا يمكن إغفال دور القطاع الخاص، خاصة منه المقاولات التي تستفيد على مدار السنة من “ ريع”  وهوامش الربع العريضة في الصفقات العمومية، والمقاولات التي تستغل الثروات الطبيعية في مختلف الجهات، والتي ستكون قد ساهمت بلا شك في توفير المواد الغذائية لآلاف الأسر ، لكنها مطالبة اليوم، قبل أي وقت مضى أن تساهم في توفير أبسط حاجيات التلميذ المغربي اليوم، كما فعلها اللاعب الدولي عبد السلام وادو، قبل نحو أسبوع بإقليم تنغير، من خلال توفيره أزيد من 730 لوحة إلكترونية تتيح، إن اقتضى الأمر ، تخزين جميع الدروس، “دون الحاجة إلى صبيب الأنترنيت”، وزعت بإشراف من السلطات العمومية  على تلاميذ المستويات الإشهادية في27 مؤسسة تعليمية بكل بجماعات ألنيف وحصيا وامصيسي..

وسأختم بسؤال أعتبره مشروعا، يهم مصير ميزانيات وقود آلاف حافلات النقل المدرسي، التي جمدت  تنقلاتها منذ أزيد من شهر ونصف، والتي هي في الأصل مساهمات مباشرة من جيوب الأمهات والآباء وأولياء أمور  التلميذات والتلاميذ، ومساهمات من المال العام تتلقاها الجمعيات المكلفة بتسيير العملية، وجمعيات الآباء، وجمعيات دعم مدرسة النجاح،  من ميزانيات المباردة الوطنية للتنمية البشرية  وميزانية قطاع التعليم ومن ميزانيات الجماعات الترابية وشركائها في القطاع الخاص، وهي مطالبة بتحمل مسؤولياتها اتجاه أبناء الوطن،  لذلك أوقل “ ألا تستطيع كل هذه المؤسسات الاقتصادية والمدنية إلى جانب أغنياء “ تمازيرت” أن يوفروا لكل تلميذ (ة) لوحة إلكترونية لا يتجاوز ثمنها 1000 درهم؟

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع