عبر ـ متابعة
لا تزال أروقة جامعة القرويين العريقة تحتفظ بوثيقة نادرة تكشف على أن هذه الجامعة كانت أهم مركز تعليمي، ويتعلق الأمر بأول إجازة في العالم منحت في الطب البشري والبيطري، عمر هذه الوثيقة ثمانية قرون ومنحت للطبيب عبد الله بن صالح الكتامي سنة 1207 ميلادية.
والكتامي طَبيب وعشَّاب وأستاذ علم الأدوية، وهو أندلسي عاش حياته بين مراكش وفاس، وكان صيدلانيا في بلاط الموحِّدين، ومن أكبر الأساتذة في علم الأعشاب والعقاقير.
وكانت “لجنة المناقشة” بلغة العصر تضم أعظم الأطباء والمتخصصين في ذلك الزمان وتشير الإجازة- الوثيقة إلى حضور الموثق القاضي محمد بن عبد الله طاهر إلى جانب ثلاثة أطباء كبار هم ابن البيطار، وابن حجاج الإشبيلي، وأبو العباس ابن الرومية.
ومما يظهر من خلال مضمون هذه الوثيقة أنه إلى جانب المهارات العلمية والإلمام بالعلوم الطبية والاعشاب، فقد كان العلماء يحرصون على أن يكون الطبيب ذو أخلاق عالية والتزام ديني.
ومما جاء في هذه الإجازة التي شهد عليها عدلين اثنين “فأذن له بتلقي الشهادة من العلماء المعترف لهم بالعلم والورع وحسن التدبير، فقد شهدوا بكونه بحرا يقف الأطباء في ساحله وعجزوا عن مجاراته في ميادين صناعة الطب والبيطرة والصيدلة، عارفا مهندسا حاذقا كيسا، وهو رجل صالح لا يتهم بجريمة ولا خيانة، يلازم الصلوات الخمس بالجماعة والأذكار وغير ذلك من أفعال البر.
ويشهد الأطباء والحجامون بأنه مارس بميادين الطب والبيطرة والصيدلة، وأنهم يشهدون له بإجازته في ذلك إجازة تامة شاملة عامة، وذلك في العاشر من شهر رجب الخير عام 603 هجرية بحضور الطبيب ابن البيطار والطبيب أبو العباس النبطي والطبيب ابن الحجاج الاشبيلي، كان الله لهم”.
وانقطعت جامعة القرويين عن منح إجازات في الطب اعتبارا من 1832 م ويعتقد أن آخر من حصل على إجازة طبية من هذه الجامعة في السنة المذكورة هو الطبيب محمد بن أحمد الحكاك، وقد أشر على هذه الإجازة الذين جربوا خدماته الطبية من العلماء والشرفاء والتجار وأيضا المتخصصين في الحجامة، فقد كان أخذ الدم بالفصد والحجامة يعتبر عملا طبيا.
اترك هنا تعليقك على الموضوع