أردوغان يترجم الرواية السعودية للغة التركية

عبّر معنا كتب في 24 أكتوبر، 2018 - 13:37 تابعوا عبر على Aabbir
عبّر

بقلم :

سعيد سونا *

كما كان منتظرا … اختلطت روائح النفط بروائح الدم المهدور ، وانكمشت أمانينا، فلم تعد سوى صدى باهث تشكل من طنين حروف كتبناها، وذهبت كالهباء في الربع الخالي من صحراء ال سعود …

خرج أردوغان أخيرا ، في يوم انحبست فيه الأنفاس ، رغم الكثير من اليأس في قلوب الضالعين في معارك السياسة والقانون ، رغم أن الشعب العربي المسلم بنزوعه نحوى الشعبوية، ضن أن السلطان العثماني ، سيظهر كأسد صريح في صحراء جرداء ، حبلى بالتهافت، وأنه سيترك الطريق سالكة، نحوى ملائكة البشرى والحبور، لكي تنعش أشلاء جمال المتناثرة … وتأخذ بثأر شهيد الكلمة الحرة ، وأسرته التي لاحيلة لها ولا قوة .

لكن أردوغان كان مترجما بارعا ، جعل خوف كتيبة القتل يتحول لزفاف بهيج ، بعدما ظن الجميع أن ربيعا تركيا ات لاريب، سينتهي به المطاف لاقتلاع ال سعود عن بكرة أبيهم ، لكنه لم يفعل سوى ترجمة رواية ال سعود للغة التركية .

فقال جمال قتل بطريقة بشعة ، ” فهل قال أحدهم حتى الجناة منهم ، انه مات عن طريق بدعة الموت الرحيم” ، وطالب بمعاقبة الجناة، وسرد الرواية السعودية رغم ركاكة، إعادة الاستماع اليها ، وأشاد بصدقية القاتل في شخص أبيه الملك سلمان ، وسار يلعب باعصاب المشاهدين من أحرار العالم ليقول لهم في الأخير ” العملية نجحت لكن المريض مات ” !!!

فانهارت احلتم الكون ، بأن تتزين أسرته ، بما يسمى – الدولة الأخلاقية – فبقيت ثنائية القانون الدستوري مرفوعة القامة إلى حين ، فبعدما أثرى أردوغان المعجم القانوني ، الذي كان يفرق بين نوعين من الدول ، فدولة مدنية وأخرى تيوقراطية ، وأضاف إلى حلمنا الدولة الأخلاقية التي تنتصر للأخلاق ، على التوازنات الماكرواقتصادية ،
والحسابات السياسية البرغماتية، وأهوال العالم المتوحش ، لكنه خيب المبتغى، فاغتصبها اليوم شر اغتصاب .

شخصيا لم أكن أظن أن أردوغان ، سيذهب معنا لحفلة نجيد الرقص فيها جميعا ،فقد كتبت ، قبل ملحمة ترجمة أشلاء جمال إلى بقايا جسده مايلي :

– لن يتهم اردوغان محمد ابن سلمان سيشير لكتيبة القتل وكيفية القتل فقط .

– ليس من حق أردوغان فضح نصف حقيقة غدا أمام نواب حزبه العدالة والتنمية فقط ، لأنه توظيف حزبي للجريمة واحتكار واضح للقضية .

– عندما كنت ادرس القانون قرأت كتابا بعنوان “قضية لوكربي بين السياسة والقانون ” خلاصة الكتاب الغلبة دائما للسياسة على القانون والليبيب بالإشارة يفهم

– أردوغان يتدخل في القضاء ، لأن الدستور لاينص على أن أردوغان هو رئيس السلطة القضائية ، ولهذا كان عليه أن يترك المدعي العام يتكلم وليس هو …

– على العموم لن تظهر الحقيقية كاملة غدا لأن التحقيق لازال مستمرا ، الجثة مفقودة وهي الركن المادي في الجريمة ، عدم استكمال المستجوبين، بالاظافة لأمور تقنية أخرى .

فمرة أخرى يعيد التاريخ نفسه وتنتصر السياسة على القانون ، في موقعة أرادها فضلاء الغرب قانونية ، وأردناها كمسلمين شرعية ، تتجسد في خطاب تاريخي لاردوغان للمسلمين واحرار العالم ، عبر التلفاز ، حتى تنسحب السياسة من المسرح ، ويستاسد الحق بدون دبلوماسية رقصت على طبول المليارات .

نعم كان أداء القتلة رديئا، في مشهدية الجريمة ، وكان أردوغان متناغما معها ، في عربدة دموية ، تنتمي إلى عقلية بدائية تورمت بالقوة والخبث، فانفلتت من عقالها الذي كون مرجعيتنا جميعا .

يقولنا بدون حمرة خجل أن أردوغان ، يسرب الحقيقة ببطىء، نعم تلك لغة الصفقات، بعدما سلم السلطان الورقي القس روبنسون وهو صاغر في ليلة ظلماء لأمريكا ، مستثمرا بخبث ، انشغال العالم بقضية جمال …

نعم نتفق معكم مرة أخرى على أنه يسرب الحقائق ببطىء، رغم أن جمال قتل وسلخ في سبع دقائق ، فما أسرع الجناة ، وما أثقل المتآمرين …

نعم انه يترجم بلطف ، لأن المزاد السعودي المصري الإماراتي البحريني الأمريكي …لم يصل إلى المدى الذي يعيد الليرة لمكانها الدافىء، ويطيل في عمر أردوغان ، الذي تحول باعيننا إلى شاعر استبد به الخمر، فاستفاق صباحا ليعتذر لصاحب الحانة …

من الآن لا أريد لشخص ، أن يقف على كتفي ، ليراقب ما اكتب ، لقد ظهر الابلج من اللجلج، فالقصر السعودي الزائل استقبل ابن جمال في مشهد يجسد الشر واقفا يستهزا بعقولنا ” لقد أرادوا أن يكابرو ليقولون لنا ” لاذهاب لنا للحق فقد أقسمنا على اقتسام رحابة الكون مع إبليس ”

لم اكون متفائلا بما يكفي والشك يتخطف بي من كل جانب ، لتستقر أصابعي، التي أتمنى لها طول العمر ، بعدما قطعت أصابع جمال الزكية ، على كتابة مايلي :

” أما تركيا أردوغان ، فخيبت الظن ، وأسالت الدمع ، وفتقت القلب ، وهي تخون “عشمنا فيها” فاستغلت فرصتها لتصريف كل مشاكلها، فانحنت لأمريكا واستغلت الضجيج وسلمت القس روبنسون لترامب، بعدما خرا أردوغان صاغرا على ركبتيه، وهو المفوه بدون حرث ، واستمر في طاعة السعودية ،وأراد مراوغتنا بفريق تفتيش مشترك مع عائلة القاتل، فهل سمعتم بهذا من قبل …لا لا لا ليس هكذا أيها السلطان الورقي فأنت المتعلق بربك لا بصنيعة البشر … إنها روح صحفي حر أعزل ستبقى في رقبتك، فلك منا الخزي ومن الله العذاب الشديد . ”

جمال أرجوك لاتحزن …فقد رحلت لتبقى

* باحث في الفكر المعاصر

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع