آه لو كنت تدري..

عبّر معنا كتب في 3 يناير، 2022 - 23:27 تابعوا عبر على Aabbir
نجاة بقاش
عبّر

آه لو كنت تدري..

نجاة بقاش

جاء يسألني.. لائما.. معاتبا.. بالله عليك، أين كنت؟..ماذا أقول لمن كان السبب فيهذا الغياب؟.. آه لو كنت تدري.. لما سألتنيأين كنت ؟.. سؤالك،أيقضالمواجع.. وسالت له المدامع.. جوابيسئمت منعه المسامع.. كيف لي أن أجيبكوأنت أدرى بالجواب مني؟..تلكأيام معدودة.. حسبتها ستمضي.. عشتهاأسيرة..بين المد والجزر.. بين ثورة الشك والغضب الساطع.. إنها رحلة بينالأمس والغد.. علي أجد في الهروبملاذي.. فلم أجد سوى..منهم أكثر هما مني.. رأيت عيونا تبكي لا تدمع.. أوجها كانت بالأمستلمع.. كتبا تملأ الرفوف لا تقرأ.. بيوتا شيدت من المرمر حتى لا تسكن..مسرحيات بلا عنوان.. تنتظر مخرجا.. وجدت أصحاب الفخامة لا تسود ولا تحكم.. شعوبا خلقت لتركع.. ترى في الدمى أعلامها.. وفي الهزائم أمجادها.. كبيرهم مريض.. وصغيرهم لا يفقه شيئا.. دساتيرأبوابها مفتوحة بلا معنى.. شعوب صامدةبلا جدوى..تصنع طواغيتهابيدها راضية مرضية.. تقدس من يذللها.. حد العبودية.. تكره منيرفع شأنها.. شعوبلا تشبه في شيء.. ما تحدثت عنه الأساطير والكتب السماوية.. هيمفردات بسيطة.. المروءة والشهامة.. الفخامة والسيادة.. الحرية والكرامة.. تكاد تخلو من قواميسها..أصبح مفهوم الأرض والإنسان مجرد صفحة من تاريخها.. أجساد.. إرادةعلى الرصيف مركونة.. لا حياة فيها.. ودعتها الحياة منذ ستين عاما.. حكومات لا تستحيي أتت لتمثل نفسها.. برلمانات صورية.. لا ديمقراطية فيها.. مماليك.. على وزن صعاليك.. ولاؤها لجهات أجنبية.. أضحى أمرا ملحا.. حكامها..تزحف نحو الاندثار.. تزج بشعوبها نحو الدمار..وهي ضاحكة.. مدن عجيبة.. لا أحد يرغب في أن يسكنها.. منشآتفارهات على رأسها عقول فارغات.. أنظمةبرأسين.. بوجهين.. بقلبين.. بقرنين.. تفتي في أمرنا.. أحكام تنطق في المحاكم.. ليست ككل الأحكام.. قراراتغير مستقلةفي رأيها.. صناعها خدامها.. من الضفة الأخرى.. فرغمقانون الجاذبية الذييحكمنا.. ورغم قانون القربالذييجمعنا.. اختارت الجارتان ألا تتفقا.. لاأدري كم من وقت مضى عن المعارك الضارية.. وكم من دهر سيكفي كي تنهضالآلهة.. هل أبكي اسبانيا عن كارلا التائهة.. أم أنعيجارتي الحائرة.. أم أبكي الوجه الشاحب والعيونالغائرة.. هل ابكيصمتكيا حجاج الذيأصبح يشبه صمت المدائن في العاصمة.. ؟ أمأعلن عن موت آدم الذي لم يعد بيننا..أنظمةرجعية.. تقدم أبناءها قربانا للآلهة..أنظمةرأسمالية.. فاسدة.. أينعت.. حان قطافها..يالها من ظالمة..

آه لو كنت تدري.. لما سألتني أين كنت.. غيابي.. هروبي.. هذياني.. فيه شيء منك ومني.. إذا كان الغياب قد دام أسبوعا أو أسبوعين.. فإنه نال مني عمرين.. الأول ضيعته فيجمع العتاد.. بحثا عن الخلد.. والثاني أخذوه رغما عني.. تسألني يا حجاج عن سببالاختفاء.. قسرا امطواعية.. دلالا أم ضلالا.. لست أدري.. أهي رغبة في الاعتزال.. أم خطوتين نحو الأمام؟.. صدقني،لست أدري.. اعتكاف من أجل جلد الذات.. أمقصيدة عنوانها”أين كنت؟”..هي مغامرة انتحار (Suicide).. أم محاولة البحث عن الحياة)(Résurrection.. لست أدري..

التقيت بمنانتظرت مجيئهم للاعتذار.. وجدت نفسي أقوم بذلك بدلا عنهم أمام كل الأنظار.. تلكأيام.. أسبوع أو أسبوعان.. قمت بجولةعلي أجد فيها ذاتي.. فلم أجد سوى ذكرى إنسان.. محطم.. مكسور.. بلا جدار.. شظايا ذكريات.. هنا وهناك.. جزر لم أجد فيها.. المتعة التي حكت عنها جدتي.. يوم الميعاد.. بل فيها موتى.. تحكي عذاب الدنيا للأموات.. ضحاياحرب غير متكافئة.. بطلتها تحاليل مختبرات.. تفقدتأحبابا..أصبحوااليوم في عداد المفقودين.. قمت بجرد الممتلكات.. علها تدلني على مكان عنوانه الصفاء.. وجدت رمادا.. دموعا سالت علىأرض الأجداد.. تباع في المزاد.. وجدت خرابا سببه العناد.. شاهدت فلما اسمه الإخوة الأعداء.. ما أقساه من عناد.. فاللعبة واضحة للعيان.. مآمرة..قد تدوم يوما أو يومين.. أسبوعا أو أسبوعين.. مسرحية لن يدفع ثمن تذكرتها..سوى الأغبياء.. مهزلة.. سيحكيها التاريخ للأبناء.. مكتسبات.. تباع في زمن قل فيه الوفاء..

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع