الجزائر … ومن الجيش ماقتل “الجزء الاول”

عبّر معنا كتب في 24 مايو، 2019 - 17:10 تابعوا عبر على Aabbir
سعيد سونا
عبّر

سعيد سونا *

 

 

 

نعم إن الجيش يستعد لنصب خيمته ، ولكن الوطن عظيم ، والحكم سقيم ، والمطلب سليم ، والجواب عقيم … هاته مقولة تلخص عقيدة فخامة الشعب الجزائري في مقارعة الخطوب، وفي تشييد حراكه الباذخ … وعليها استقرت سليقتي لكي أصدر هاته المقالة المرهقة لكاتبكم ، بعدما وجل قلبه في محاربة القلق ، وفشل في مجاهدة الترك ، واستزاد بحسن النية وسلامة المقصد ، وقرر أن ينال شرف المشاركة ولو من باب الكتابة في هذا الخطب العظيم ، فلا هروب من الارتماء على “رصيونه ” من مجد الشعوب ، خشية ضياعه بين أسنان العدم .

 

 

فبعدما استقام المنسم، واستثب الأمر هنا ، وظهرت نقيصة البعض هناك … لابد أن نضع أيدينا على قلوبنا، خوفا على مستقبل الجزائر العظيمة ، من تربص المتربصين ، فصدور أبناء الأمير عبد القادر، لم تعد تقوى على تحمل جروح أخرى ، بعد عصيان الرشد في الاستقامة في جهاز دولتها العليل ، طيلة الفترة الممتدة من الإستقلال ، مرورا بالعشرية السوداء ، ووصولا إلى هذا الزحف الأبيض الذي يكاد يصبح في حكم السواد ، نظرا لعدة عوامل سنأتي عليها تباعا.

 

 

إن ثقة الجزائريين في ” عصابة الجيش ” نقيصة تعتري الحراك ، فما بال المطبلين بذاكرتهم المثقوبة ، يتناسون فعلة الجيش بثروات الدولة العظيمة ، وتلاعبهم باختيارات الشعب ، وانقلابهم عليها ، كلها خصال مقدسة في أي تحرك يكون الجيش جزءا منه …. الدم … إقبار أحلام الشعوب … الركوب على محصول الشعوب … سرقة الحراك عن أهدافه النبيلة … ثم إفراغه من محتواه وتحويله إلى ثرثرة بدون مخرجات كل يوم جمعة .

 

 

إن المتتبع الرزين لما يجري في الجزائر ، ينتبه إلى جنوح جنيرالات الجزائر ، إلى اعياء الشارع الجزائري ، ليصل إلى نوع من التراخي ، بعدما يصور له عدم وجود حل على أرض صلبة في الأفق … والنتيجة … الارتماء في حضن القايد صالح وعصابته ، بإعتبارها طوق النجاة الأخير ، والمخلص من التيه والضياع … وهو فخ بناه الجيش على نار هادئة بعد المرور على :

 

  • دفع الحراك ليكون منتهى مطالبه، تنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ليتم التضحية به بسهولة ، والظهور بمظهر التماهي مع مطالب الجماهير ….لكن الشعب الجزائري فطن للأمر ، واستفاد من شطحات ” الربيع العربي ” المغدور ، ورفع شعار ” يتنحاو كاع ” لينتقل الجيش لما يلي :

 

  • بخبث طافح ، قام الجيش باعتقالات عشوائية في رموز مرحلة بوتفليقة … ” وكأن الجيش كان في المكسيك ” … رغم أن جنيرالاته هم قلب النظام الجزائري ودولته العميقة ، مصدر الفساد كله ” والبلاوي كلها ” … وكلها حركات تريد أن تستغل سذاجة الجزائريين بكون الردة والنكوص بدأت مع عهد بوتفليقة … والحقيقة أن هذا الأخير وجماعته ليسوا إلا تجلي ممسوخ في قبضة الجيش ووحوشه، الذين استمرؤوا في تزكية هاته الأطروحة بخلق جو من التوتر في شمال أفريقيا ، عبر التحرش بالمغرب بزراعة فزاعة البوليساريو الواهمة … ورغم كل هذا وذاك استمر الشارع في مطارحة كل الأسئلة التي تقلق راحة الجيش، دون الخروج معه وجها لوجه ، عبر الضغط عليه والمطالبة بالمزيد من الخطوات ، لتحقيق حلم الدولة الجزائرية المدنية الديموقراطية العظيمة … وهنا سينتقل الجيش إلى مخططه الثالث والأخير بعدما فشلت المخططات الأولى …

 

 

  • بعد هذا النفاق العسكري، الذي نعرفه غرب لشرق … وشمال لجنوب … وبعدما قست جوارحنا بقوارع الدهر … سيضطر القايد صالح لإخراج جميع أوراقه والشروع في تنصيب خيمته، والشعار هو المقولة الشعبية الدالة ” اللعاب أحمد والرشام أحمد ” …بعدما اقتلعت حرارة الشارع الجزائري شعر القايد صالح الذي كان يظن أن الطريق سالكة عبر تنفيذ المخطط الأول ، لكن النفس الجزائري سيقلل من حياء الرجل وسيخرجه إلى الشمس ، فهاهو يبحث عن الخارج ليحمي ظهره في مشهدية كربونية ” لسيسي مصر ” وهاهي السعودية والإمارات ترد بلبيك لبيك المال والرز والمناشير بين يديك …

 

 

الجيش يريد أن يستمر في حكم الجزائر ، عبر انتخابات تفضي إلى حاكم في جيب القايد صالح ، وبالتالي العودة للمرحلة التي تم التحايل بها على الجميع ، باعتبار الجيش سليل الشعب الجزائري ،،،، وبما أن المستفتي على ديني مفتيه … فالإمارات ، والسعودية ، لاتريدان للشعوب العربية والإسلامية أن يصل نسيم الحرية إلى رئتيها ، ولاتريد لدولة ديمقراطية تتجلى فيها إرادة الشعب ، أن تطأ بلاد المسلمين ، فلا عجب في هذا … فإن تركت مايجري في الجزائر أن يصل مداه ،ستنتقل عدواه لامحالة لكافة الدول العربية، والمسلمة ، لتتهاوى قصور الرز على أصحابها وينجح ” الربيع العربي ” في نسخته الثانية ، بعد تحويل خذلانه إلى نصرة وخلوته إلى جلوة، لكن هناك علائق بين أنفاس الإستبداد أينما حل ، مبتغاها الاصطفاف في صف واحد عندما يتعلق الأمر بوأد إرادة الجماهير .

 

 

لكن لابد لنا من التسليم كذلك ، بأن مايجري في الجزائر ، لايصل إلى مرتبة الثورة ، فلهذه الأخيرة أركان ، إن تخلف أحدها تفككت إلى زوال … فالركن الأساسي في قيام ثورة مكتملة الأركان ، هي وجود بديل بعد إزالة أي نظام عن بكرة أبيه ، وهذا للأسف ما لايوجد في الجزائر ، حيث مضى الشعب الجزائري في طريق لايدرك منتهاها … أما الركن الذي تحقق في حراك الجزائر ، هو إصرار الشعب على استئصال النظام من جذوره، بدل قطع رأسه فقط ، عكس ماحدث في تونس ومصر وليبيا واليمن …

 

 

فالذي يحدث في الجزائر ، عصيان مدني ، سقط في هدر الزمن ، فعامل الوقت ليس في مصلحة فخامة الشعب الجزائري العظيم … ولهذا سيترك القايد صالح الشارع فارغا للشعب ، بدون تحقيق طموحه، ليمر بعد إرهاقه إلى إخراج مخططه سلما أو دما …

 

 

فهل سيستمر الجيش في قتل آمال التغيير والديموقراطية ؟ أم ستحتفل عقيرة الأحرار في كل بقاع العالم بصوت مرتفع … إذا الشعب يوما أراد الحياة … فلابد أن يستجيب القدر … ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر …إلى المقال القادم … يتبع …

 

 

باحث في الفكر المعاصر *

تابعنا على قناة عبّر على الواتساب من هنا
تابع عبّر على غوغل نيوز من هنا

اترك هنا تعليقك على الموضوع